كتاب شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (اسم الجزء: 7)

فرع: في الذخيرة عن ابن رشد الحوانيت المبنية بالمال الحرام يكره أيضًا كراؤها ولا يحرم لأن البنيان لبانيه والحرام مرتب في ذمته وكذا المسجد تكره الصلاة فيه فقط وأما مسجد بني بمال لم يعلم أن ربه اكتسبه مِمَّاذا؟، فسبيله الفيء لا سبيل الصدقة على المساكين فتجوز الصلاة فيه دون كراهة (كإيجاز مستأجر دابة) أي كما يكره لمن أستأجر دابة لركوب أن يؤجرها لمثله فالمصدر مضاف للفاعل وإن وقع وضاعت فلا ضمان عليه حيث كان مثله في خفته وأمانته فالتشبيه في الكراهة وكأنه عدل عن العطف إلى التشبيه لأجل رجوع القيد لما بعد الكاف ومحل الكراهة إن لم يؤجرها بحضرة ربها أو يؤجرها وارثه لموته أو يبدله الإقامة وعدم الركوب إلى المحل الذي أكراها إليه كما ذكره ابن الحاجب وظاهر ابن المواز وإن لم يضطر إلى ذلك وحملنا كلامه على ما إذا استأجرها لركوب لأنه يجوز لمن استأجرها للحمل أن يكريها لحمل مثله كما يفيده ما يأتي عند قوله وفعل المأذون فيه لا أضر (أو ثوب) أي يكره لمن استأجر ثوبًا للبسه أن يكريه (لمثله) وضمنه المكتري الأول إلا لبينة على تلفه من غير تعدي الثاني لأن ضمان الأول ضمان تهمة فيزول مع البينة لا ضمان عداء كذا يظهر والظاهر أنه يجري في الثوب نحو ما تقدم فإذا استأجره ليحمل فيه شيئًا فلا يكره أن يؤجره في حمل مثله وله أن يؤجره بحضرة ربه أو لعدم إرادة لبسه أو وارثه لموته وقد استفيد مما ذكرنا أن الكراهة حيث جهل رضا المكري وعدم رضاه فإن علم رضاه لم يكره وإن علم عدمه فانظر هل ذلك يكون كشرطه أن لا يكري لمثله فيفسد العقد لأنه شرط مناقض لمقتضاه إلا أن يسقطه كما في ح بأن يرضى بالكراء لمثله أو لا يكون كالشرط فالعقد صحيح ويحرم عليه فعل ذلك وينبغي أن تكون الكتب كالثياب لاختلاف استعمال الناس فيها وفي بعض النسخ أو لفظ لمثله أي أن لفظ إذا استأجر دابة ليركبها يكره له أن يكريها لفظ مثله يركبها فإن قيل هذا مستفاد من المعطوف عليه فما فائدة ذكره قلت لما كان قد يتوهم فيه الجواز لكون رب الدابة لما دخل على إعطائها لفظ قد تساهل فيها فنبه عليه لذلك وتقدير الكلام حينئذٍ كإيجاز
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فالصواب تعليل ابن يونس بأنهم كانوا يرون أن عاريته زكاته (كإيجار مستأجر دابة) قول ز لأنه يجوز لمن استأجرها الخ قيدًا للخمي جواز كرائها إذا كانت مكتراة للحمل بأن يصحبها ربها في السفر وأما إن كان المكتري هو الذي يسافر بها فهي بمنزلة التي للركوب وكذلك ذكر ابن يونس عن ابن حبيب وقبله زاد ابن حبيب إلا أن يكون ربها يعلم أن المكتري لا يسوقها بنفسه فلا حجة له اهـ.
نقله ح وقول ز وضمنه المكتري الأول الخ فيه فرق بين الثوب والدابة ونحوه في ضيح ونصه ظاهره أنه لا يضمن في الثواب إذا أكراه من مثله كالدابة والذي في المدونة أنه يضمنه إذا هلك بيد الغير لاختلاف حال الناس في اللبس ولا يضمن إن هلك بيده اهـ.

الصفحة 35