كتاب شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (اسم الجزء: 7)

ليصلح التالف فضاع الصحيح بل (ولو محتاجًا له عمل) أي لا يضمن غير مصنوعه ولو كان عمل المصنوع محتاجًا لذلك الغير لأنه فيه أمين لا أجير كظرف لقمح عند طحان فيضمن القمح دون ظرفه وكتاب ينسخ منه فيضمن كتابته لا الذي ينسخ منه وبهذا التقرير ظهر أن عمل فاعل محتاج وقول غ نائب فاعله غير صحيح إذ لفظ محتاج هنا لا يصح كونه اسم مفعول بل اسم فاعل وبالغ على ضمان الصانع مصنوعه بقوله: (وإن) عمله (ببيت) للصانع وبالغ عليه لئلا يتوهم أنه لم ينصب نفسه للناس حيث عمله ببيته (أو) عمله (بلا أجر) تلف بصنعه أم بغير صنعه ما لم يكن في صنعته تغرير فإن كان فيها تغرير كنقش المنصوص وثقب اللؤلؤ واحتراق الخبز عند الفران والثوب في قدر الصباغ وتقويم السيوف فلا ضمان إلا أن يعلم أنه تعدى فيها أو أخذها على غير وجه مأخذها فيضمن حينئذٍ قاله في التوضيح زاد ابن رشد مثل ذلك البيطار يطرح الدابة أو الخاتن يختن الصبي أو الطبيب يسقي المريض أو يكوي أو يقطع شيئًا أو الحجام يقلع ضرسًا لرجل فيموت كل من ذلك فلا ضمان على واحد من هؤلاء في ماله ولا على عاقلته لأنه مما فيه التغرير فكان صاحبه هو الذي عرضه لما أصابه إلا أن يخطئ في فعله وهو من أهل المعرفة ففي ماله أن نقص عن الثلث وإلا فعلى عاقلته فإن لم يكن من أهل المعرفة أو تعمد التناول على غير وجهه فعليه العقوبة وفي كون الدية على عاقلته أو عليه قولًا ابن القاسم وظاهر ما لمالك اهـ.
وينبغي أن يكون الراجح قول مالك لأن فعله عمد وأشار لشروط ضمان الصانع الثلاثة بقوله: (إن نصب نفسه) لعموم الناس فلا ضمان على أجير خاص لشخص أو لجماعة مخصوصين وأشار للشرطين الآخرين بقوله: (وكتاب عليها) أي السلعة المفهومة من مصنوعه أو على الذات المصنوعة أو على الأشياء المصنوعة ولو قال عليه كان أولى بأن صنعها بغير بيت ربها وبغير حضوره فإن صنعها ببيت ربها ولو بغير حضوره أو بحضوره لم يضمن ما نشأ عن غير فعله كتلفه بنار أو مطر أو غصب أو سرقة بغير تفريط لا إن فرط كان نشأ عن فعله قطع ثوب أو خرقه من كمده بحضرة ربه فيضمن عند ابن رشد وهو المعتمد خلافًا لشيخه ابن دحون في عدم ضمان ما صنع بحضرته مطلقًا وقولنا المصنف أشار لشرطين قوله غاب عليها تبعًا لتت ظاهر لتفسيره بأمرين كما مر وبقي عليه شرطان آخران وهما أن لا يكون في الصنعة تغرير كما مر تفصيله وأن يكون مما يغاب عليه وهذا غير قوله وغاب عليها كما لا يخفى وأما لو دفع شخص غلامه لمن يعلمه وقد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(ولو محتاجًا له عمل) هذا قول سحنون ورد بلو قول ابن حبيب يضمن الصانع ما لا يستغني عن حضوره عنده سواء احتاج إليه الصانع أو المصنوع وقول ابن المواز يضمن الصانع ما يحتاج إليه في عمله مثل الكتاب المنتسخ منه دون ما يحتاج إليه المعمول كظرف القمح والعجين هكذا حكى الأقوال في ضيح عن صاحب البيان والذي عزاه ق لابن المواز هو الثاني وذكر عن اللخمي أنه اختاره فانظر من رجح الأول الذي اقتصر عليه المصنف اهـ.

الصفحة 53