كتاب شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (اسم الجزء: 7)

موت فنحر) أو ذبح وجاء بها مذكاة كما يفهم من قوله: (أو سرقة منحوره) أي الراعي إذ العطف بأو يقتضي المغايرة فلم يخل بقيد المجيء بها في الأولى خلافًا للبساطي فإن ترك الذكاة حتى ماتت ضمن كما يفهم بالأولى مما قدمه في قوله وضمن مار أمكنته ذكاته وترك فإن ذكى خوف موت وقال أكلتها لم يصدق وينبغي ما لم يجعل له أكلها كلها أو بعضها وأتى بباقيها وهو بمكان قريب يمكن مجيئه به والملتقط كالراعي يصدق إن ادعى خوف موت فنحر كما ذكره الشارح في اللقطة وانظر إذا ادعى ذلك وأكلها هل حكمه حكم الراعي فلا يصدق أم لا ولكن لا يتأتى فيه الإذن بالأكل وأما الأجنبي والمستأجر والمستعير والمرتهن والمودع والشريك فلا يصدق كل في دعواه تذكيته خوف موته لأنه شوهد منهم سبب التلف وهو التذكية فلا يرد أن كلًّا من المستعير ومن بعده مصدق في دعواه أصل التلف وإنما ضمن الأجنبي وهو من ليس له فيها أمانة ولا إجارة ونحوها ولم يضمن مار بصيد أمكنته ذكاته وذكى لأنه لما كان في الصيد أثر سهم الجارح أو كلبه لم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقال ابن الشماع ما نقله إمام الحرمين لم ينقله أحد من علماء المذهب ولا كثر نقله عند المخالفين ولم يخبر أنه رواه نقلته إنما ألزمه ذلك وقد اضطرب إمام الحرمين في ذكره ذلك عنه كما يتضح ذلك من كتابه البرهان وما حكاه في ضيح عن المازري أنه قال هذا الذي حكاه أبو المعالي عن مالك صحيح إنما ترجع فيه الإشارة إلى أوّل الكلام وهو أن مالكًا رحمه الله تعالى كثيرًا ما يبني مذهبه على المصالح لا إلى قوله بأثره وقد قال إنه يقتل ثلث العامة لإصلاح الثلثين أو أنه حمله على مسألة تترّس الكفار بالمسلمين ثم إن في قوله إن مالكًا يبني مذهبه على المصالح نظرًا فإن المخالفين ينسبون ذلك لمالك والمالكية يأبون ذلك على وجه يختص به حسبما تقرر ذلك في علم الأصول والذي أنكره العلماء وتبرؤوا منه في هذا النقل هو حمله على الإطلاق والعموم حتى يجري في الفتن الواقعة بين المسلمين عياذًا بالله مما يشبه ذلك اهـ.
قلت: وقد أشبع الكلام على هذه المسألة شيخ شيوخنا العلامة المحقق أبو عبد الله سيدي العربي الفاسي في جواب له طويل وقد نقلت منه ما قيد أعلاه وهو تنبيه متعين ينبغي المحافظة عليه لئلا يغتر بما في ضيح اهـ.
كلام سيدي محمد بن عبد القادر وأما ما تأوله ز من أن مراد إمام الحرمين قتل الثلث من المفسدين حيث تعين طريقًا لإصلاح الباقي فغير صحيح ولا يحل أن يقال به فإن الشارع إنما وضع لإصلاح المسلمين إقامة الحدود عند ثبوت موجباتها ومن لم تصلحه السنة فلا أصلحه الله ومثل هذا التأويل الفاسد هو الذي يوقع كثيرًا من الظلمة المفسدين في سفك دماء المسلمين نعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا اهـ.
وفي الحديث من شارك في دم امرئ مسلم ولو بشطر كلمة جيء به يوم القيامة وبين عينيه مكتوب آيس من رحمة الله ولما ذكر اللخمي أن المركب إذا ثقل بالناس وخيف عليه الغرق فإنهم يقترعون على من يرمي والرجال والنساء والعبيد وأهل الذمة في ذلك سواء قال

الصفحة 56