كتاب شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (اسم الجزء: 7)

معين وقع العقد عليه (يستوفي منه) المنفعة كموت دابة معينة وهدم دار معينة مؤجرتين وأما غير المعين فلا تنفسخ الإجارة بتلفه كما يذكره في فصل كراء الدابة فكلامه يقيد بعضه بعضًا (لا) تنفسخ بتلف ما يستوفي (به) المنفعة وهو ما يكون من جهة المستأجر كموته بعد استئجاره دابة معينة ويقوم وارثه مقامه ولو وقع العقد على عينه وأراد بالتلف ولو حكمًا كأسر وسبي وسكون ألم سن وعفو قصاص كما يأتي ومرض صبي تعلم ومن به مرض لا يقدر على استيفاء ما استؤجر عليه وظاهره فسخها بمجرد تلف المستوفي منه ولا يحتاج لحكّم به ولا إلى تراضيهما عليه وسيأتي عن د بعض مخالفة لذلك واستثنى من قوله: لا به صبيين وفرسين استثناء متصلًا مجرورًا بدلًا من الضمير المجرور على المختار لكونه بعد نفي قوله: (الأصبي) أو بالغ (تعلم) لأي صنعة (ورضيع) مات كل قبل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يستوفي منه لا به) قول ز وهدم دار معينة الخ لم يقيد ابن الحاجب الدار بكونها معينة قال في ضيح ولم يذكر المصنف التعيين في الدار لأن كراء الدور لا يكون إلا معينًا كما تقدم اهـ.
وأطلق المصنف عدم الفسخ في قوله لا به ونحوه لابن الحاجب وابن شاس وعبد الوهاب وغير واحد سواء كان التلف بسماوي أو من قبل الحامل قال ابن رشد في المقدمات في هلاك المستأجر عليه أربعة أقوال أحدها وهو المشهور أن الإجارة لا تنتقض وإليه ذهب ابن المواز والثاني تنتقض بتلفه وهو قول أصبغ وروايته عن ابن القاسم ويكون له من كرائه بقدر ما سار من الطريق الثالث الفرق بين تلفه من قبل الحامل فتنتقض وله من الكراء بقدر ما سار وبين تلفه بسماوي فلا تنتقض ويأتيه المستأجر بمثله وهو قول مالك في أول رسم من سماع أصبغ الرابع إن كان تلفه من قبل الحامل انفسخت ولا كراء له وإن كان من السماء أتاه المستأجر بمثله ولم ينفسخ الكراء وهو مذهب ابن القاسم في المدونة وروايته عن مالك باختصار على نقل طفى قال إذا علمت هذا فإن حملت قول المصنف لا به على إطلاقه كان جاريًا على ما شهره ابن رشد وخلاف مذهب ابن القاسم فيها وروايته فيما تلف بسبب حامله وعلى هذا لا يفسر قول المصنف أو عثر بدهن أو طعام الخ بقولها ولا ضمان ولا كراء خلافًا لجد عج في تفسيره بذلك واستدلاله بكلامها لأن المصنف جرى على غير مذهبها وإن قيد المصنف هنا بغير ما كان بسبب حامله جرى على مذهبها وصحح تفسير جد عج في قوله أو عثر بدهن الخ لكن يبعد هذا العمل إطلاق المصنف تبعًا لغيره ولم يستثن إلا هذه الأربعة بقوله إلا صبي تعلم الخ اهـ.
باختصار قلت والذي رأيته لابن رشد في البيان أن القول المشهور هو الذي عزاه لابن القاسم في المدونة وروايته ونصه في رسم القبلة من سماع ابن القاسم من كتاب الرواحل قال ابن القاسم وقال مالك رحمه الله: فيمن تكارى على حمل متاع بعينه يريد المكري إلى بلد معلوم فسرق ذلك المتاع قبل أن يخرج به أو بعد ما سار به بعض الطريق أن ذلك سواء أن الكراء له لازم إن شاء جاء بمثل ذلك المتاع وإن شاء أكرى ذلك البعير ممن يحمل عليه ابن رشد هذا قول ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة أن الكراء لا ينفسخ بتلف الشيء

الصفحة 58