كتاب الطبقات الكبرى ط العلمية (اسم الجزء: 7)

قَالَ يَعْلَى وَمُحَمَّدٌ فِي حَدِيثِهِمَا: [لا تُؤْذُوا خَالِدًا فَإِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ] .
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْحِيرَةِ يَقُولُ: لَقَدِ انْقَطَعَ فِي يَدِي يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ وَصَبَرَتْ فِي يَدِي صَفِيحَةٌ لِي يَمَانِيَّةٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ أَنْ يَدْخُلَ مِنَ اللِّيطِ فَدَخَلَ فَوَجَدَ جَمْعًا مِنْ قُرَيْشٍ وَأَحَابِيشِهَا فِيهِمْ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَمَنَعُوهُ الدُّخُولَ وَشَهَرُوا السِّلاحَ وَرَمَوْهُ بِالنَّبْلِ. فَصَاحَ خَالِدٌ فِي أَصْحَابِهِ وَقَاتَلَهُمْ. فَقَتَلَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ رَجُلا. وَلَمَّا فَتْحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى الْعُزَّى فَهَدَمَهَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - وهو مُقِيمٌ بِمَكَّةَ. فَبَعَثَهُ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ وَهُمْ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ. وَكَانُوا أَسْفَلَ مَكَّةَ عَلَى لَيْلَةٍ بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ الْغُمَيْصَاءُ. فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَأَوْقَعَ بِهِمْ. وَلَمَّا ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعث أبو بكر. رضي الله عَنْهُ. خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ يَسْتَعْرِضُهُمْ وَيَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ فَخَرَجَ فَأَوْقَعَ بِأَهْلِ الرِّدَّةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ فِي بَنِي سُلَيْمٍ ردة فبعث أبو بكر. رضي الله عَنْهُ. خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَجَمَعَ مِنْهُمْ رِجَالا فِي حَضَائِرَ ثُمَّ أَحْرَقَهُمْ بِالنَّارِ. فَجَاءَ عُمَرُ إلى أبي بكر. رضي الله عَنْهُ. فَقَالَ: انْزِعْ رَجُلا عَذَّبَ بِعَذَابِ اللَّهِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لا وَاللَّهِ لا أَشِيمُ سَيْفًا سَلَّهُ اللَّهُ عَلَى الْكُفَّارِ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَشِيمُهُ. ثُمَّ أَمَرَهُ فَمَضَى لِوَجْهِهِ مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ إِلَى مُسَيْلِمَةَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالا: كَتَبَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ. رَضِيَ الله عَنْهُ. إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ حِينَ فَرَغَ مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ يَسِيرُ إِلَى الْعِرَاقِ. فَخَرَجَ خَالِدٌ مِنَ الْيَمَامَةِ فَسَارَ حَتَّى أَتَى الْحِيرَةَ فَنَزَلَ بِخِفَّانَ.
وَالْمَرْزُبَانُ بِالْحِيرَةِ مَلِكٌ كَانَ لِكِسْرَى مَلَّكَهُ حِينَ مَاتَ النُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ. فَتَلَقَّاهُ بَنُو قَبِيصَةَ وَبَنُو ثَعْلَبَةَ وَعَبْدُ الْمَسِيحِ بْنُ حَيَّانَ بْنِ بُقَيْلَةَ فَصَالَحُوهُ عَنِ الْحِيرَةِ وَأَعْطَوُا الْجِزْيَةَ مِائَةَ أَلْفٍ عَلَى أَنْ يَتَنَحَّى إِلَى السَّوَادِ. فَفَعَلَ وَصَالَحَهُمْ وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا. فَكَانَتْ أَوَّلَ جِزْيَةٍ فِي الإِسْلامِ. ثُمَّ سَارَ خَالِدٌ إِلَى عَيْنِ التَّمْرِ فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلامِ فَأَبَوْا فَقَاتَلَهُمْ قِتَالا شَدِيدًا فَظَفَّرَهُ اللَّهُ بِهِمْ وَقَتَلَ وَسَبَى وَبَعَثَ بِالسَّبْيِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. رحمه

الصفحة 278