كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 7)

العاقلة، فإذا ضمنت عاقلة الإمام أو بيت المال - فهل يرجع على الشاهدين أم لا؟ نظر:
إن بانا فاسقين فسقا مستتراً - لا يرجع؛ لأنهما يقولان: نحن صدقنا فيما قلنا، وإسرارُ الفسق كان واجباً علينا، وإن بانا عبدين، أو كافرين، أو امرأتين - فهل يرجع عليهما؟ فيه وجهان:
أحدهما: لايرجع، كما لو بانا فاسقين.
والثاني: يرجع؛ لأن إظهار حالهما - كان واجباً عليهما، فإذا لم يظهرا- فقد فرطا؛ فضمنا.
فإن قلنا: [يرجع] يرجع على الكافر، والمرأة [في الحال] وفي العبد - يتعلق برقبته أم بذمته؟ فيه وجهان؛ أصحهما: [يتعلق بذمته؛ لأنه لم يمحض جناية، وهل يرجع على المراهق أم لا؟ [إن قلنا] يتعلق برقبة العبد - يرجع في مال المراهق، وإن قلنا: بذمة العبد - لا يرجع على المراهق أصلاً؛ كما لا يلزمه دين المعاملة.
وإن بانا فاسقين فسقاً ظاهراً - فهو ما لو بانا كافرين.
فكل موضع أوجبنا الضمان على الإمام: إما على عاقلته أو في بيت المال - فكذلك إذا باشر الإمام القتل أو الضرب بنفسه، أو أمر الجلاد به، ولم يعلم الجلاد خطأ، فإن كان الجلاد عالماً بخطئه - فالضمان على الجلاد، فلو قال الجلاد: إني علمت أن الإمام مخطيء، ولكني علمت بقول بعض العلماء - فعليه الضمان، لأنه لم يكن له الاجتهاد.
ولو أمر الإمام الجلاد بقتل رجل في موضع اجتهاد واعتقادهما أن لا قود عليهما؛ مثل: أن يأمر بقتل المسلم بالذمي، أو الحر بالعبد، فقيل: عليهما القود.
قال الشيخ - رحمه الله-: هذا على قولنا: إن أمر السلطان إكراه، ويجب القود على المُكرِه والمكرَه جميعاً، فلو قال الجلاد: إني ظننت أن الإمام رجع عن ذلك إلى قول من يوجب القود وأنه يأمر بحق - لا يسقط عنه القود بهذا؛ لأنه قصد قتلاً يعتقد تحريمه، ولو كان الجلاد يعتقد جواز قتله، والإمام يعتقد تحريمه - يجب القود على الجلاد؛ اعتباراً باعتقاد الإمام.
[ولو] أمر الإمام الجلاد بضربه، وقال: أنا ظالم في ضربه، فضربه الجلاد، مات إن قلنا: أمر السلطان ليس بإكراه - فالضمان على الجلاد، وإن قلنا: أمره إكراه: فإن قلنا:

الصفحة 425