كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 7)

وقال: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} إلى قوله تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [آل عمران: 186] فلما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، ووجبت الهجرة على من قدر عليها، ومن لم يقدر عذره الله - تعالى- قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ....} إلى قوله: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ...} إلى قوله: {إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} [النساء: 97/ 98].
وقطع الله الولاية بين من هاجر وبين من لم يهاجر، فقال جل ذكره: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجَرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال: 72] إلى أن فتحت مكة - ارتفع وجوب الهجرة من مكة إلى المدينة؛ رُوي عن ابن عباس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال [يوم الفتح]: "لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم - فانفروا"؛ فأراد به الهجرة من مكة إلى المدينة، وهي باقية في حق كل من أسلم في دار

الصفحة 443