كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 7)
[البقرة: 216]، وهو ينقسم إلى فرض عين، وفرض كفاية، ففرض العين: أن يدخل الكفار دار قوم من المسلمين، أو [ينزلوا] باب بلدهم، فيجب على المكلفين من الرجال من أهل ذلك البلد.
الجهاد؛ يستوي فيه الفقير والغني، والحر والعبد؛ للدفع عن أنفسهم وجيرانهم، وعلى العبيد الخروج بغير إذن ساداتهم؛ فهذا النوع معلى من قرب منهم: فرض على العين، وهو في حق من بعد فرض على الكفاية، فإن وقعت الكفاية بمن قرب [منهم]- لا تجب على من بعد، بل تستحب، فإن لم تقع بهم الكفاية - يجب على من بعد إذا لم يكن له عذر.
ولا يجوز لمن قرب من الكفار أن يؤخروا قتالهم مع الإمكان إلى أن يحضر الأبعدون، ثم من كان على أقل من مسافة القصر - عليه الخروج، إذا وجد الزاد وعلى من كان على مسافة القصر فأكثر: إذا وجد الزاد والراحلة.
وكذلك إذا دخلوا دار الإسلام، ولم يهجموا على بلد فعلى من دون مسافة القصر الخروج إلى جهادهم: إذا وُجد الزاد، وعلى من فوقها: إذا وجد الزاد والراحلة، ولا يدخل في هذا القسم العبيد، ولا الفقراء، لأن الله تعالى قال: {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ} [التوبة: 41]، والفقير لا مال له، والعبد لا يملك نفسه؛ بل هو ملك للسيد، وخدمة السيد فرض عليه متعين، والجهاد - ههنا - فرض على الكفاية.
فأما النساء وغير المكلفين: من الصبيان، والمجانين، والضعفاء - فلا جهاد عليهم؛ لقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [الفتح: 17].
وفرض الكفاية قسمان:
أحدهما: يكون على المسمين، وهو ما ذكرنا؛ أن العدو إذا دخلوا دار الإسلام، فيفرض على من بعد منهم فرض كفاية، فإن قام به من تقع به الكفاية - سقط الفرض عن الآخرين، وإن قعد عنه كلهم - عصوا جميعاً، كرد السلام، والصلاة على الميت، ودفنه، والقيام بتعلم العلم، وفرض على الكفاية إذا سلم على جماعة فرد منهم واحد - سقط
الصفحة 448
536