كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 7)
قال ابن عباس: نزلت في عبد الله بن حُذافة؛ إذ بعثه النبي - صلى الله وعليه وسلم- في سرية.
ورُوي عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمر أميراً على جيش أو سرية - أوصاه في خاصته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيراً".
يكره الغزو بغير إذن الإمام، أو الأمير من قبله؛ لأن الإمام والأمير أعرف بأمر الغزو، ومصالحه من غيره.
فلو غزا قوم دون إذنه - جاز؛ لأنه ليس فيه أكثر من التعزير بالنفس، وذلك جائز في الجهاد؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث عمرو بن أمية الضمري، ورجلاً من الأنصار سرية وحدهما، وبعث عبد الله بن أنيس سرية وحده.
وإذا بعث الإمام سرية - يؤمر عليهم أميراً، ويأمرهم بطاعته، ويوصيه في حقهم.
رُوي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير - فقد أطاعني، ومن يعص الأمير - فقد عصاني.
وعلى الإمام أن يبدأ بقتال من يليهم من الكفار؛ لقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنْ الْكُفَّارِ} [التوبة: 123] ن ولأنهم أهدى إلى عورات المسلمين، والمؤنة في قتالهم أخف، فإن كان الخوف من الأبعد أكثر - بدأ بقتالهم، ويوادع من يليهم؛ حتى يأمن شرهم في الغيبة؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - وادع يهود المدينة، وغزا قريشاً.
ولا يجوز [استئجار المسلم] على الغزو، لأنه إذا حضر الوقعة يفترض عليه الجهاد، ولا يجوز أخذ الأجرة على أداء الفرض؛ كما لا يجوز استئجار الصيرورة على الحج؛ لأن الحج فرض عليه، وإذا أخذ الجرة عليه - رده، أما إذا جهز غازياً؛ فإن أعطاه مركوبه وسلاحه، أو الإمام دفع من بيت المال - فحسن؛ رُوي عن زيد بن خالد؛ أن
الصفحة 456
536