كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 7)

فأما إذا كان بمقابلة كل مسلم أكثر من مشركين-: فيجوز أن يولي ظهره فراراً، رُوي أن خالد بن الوليد رد الجيش من حرب مؤتة؛ لكثرة العدو، فقال الناس: هم الفرارون، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-:"بل هو الكرارون".
[ثم إن غلب على نهم أنهم لا يهلكون-: فالأفضل أن يثبتوا] وإن غلب على ظنهم: أنهم يهلكون-: ففيه وجهان:
أحدهما: يلزمهم أن ينصرفوا؛ لقوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195].
والثاني: يستحب أن ينصرفوا، ولا يلزم؛ لأنهم إن قتلوا فازوا بالشهادة.
وإن كان بمقابلة كل مسلم أقل من مشركين، ولكنه مريض، أو لم يكن له سلاح-: فله أن يولي ظهره.
وكذلك: لو مات فرسه، ولا يمكنه أن يقاتل راجلاً-: له أن يرجع؛ لأنه لا يجوز أن يستسلم للقتل.
ولو لقي رجل من المسلمين رجلين من المشركين في غير الحرب: فإن طلباه، ولم يطلبهما-: فله أن يولي عنهما؛ لأنه غير متأهب للقتال، وإن طلبهما، ولم يطلباه -: فيه وجهان:
أحدهما: له أن يولي؛ لأن فرض الجهاد في الجماعة.
والثاني: لا يجوز أن يولي؛ لأنه مجاهد؛ كما لو كان مع الجماعة.
وإن كان الكفار في حصن-: جاز للإمام نصب المنجنيق عليهم، ويجوز أن يفعل أينما كانوا ما يهمهم بالهلاك من التحريق والتغريق، وإن كان فيهم نساؤهم وذراريهم؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - شن الغارة على بني المصطلق، وأمر بالبيات بالتحريق، ونصب المنجنيق على أهل الطائف.
روى عن الصعب بن جثامة؛ "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن أهل الدار يبيتون من

الصفحة 472