كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 7)
والثاني: لا يجب [رده]، بل هو غنيمة؛ لأن الكافر ملكه.
فصلٌ
إذا حاصر الإمام قلعة؛ فنزل أهلها على حكم حاكم-: جاز؛ لأن بني قريظة نزلوا على حكم سعد بن معاذ، فحكم بقتل رجالهم، وسبي نسائهم وذراريهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لقد حكمت بحكم الملك".
ويجب أن يكون الحاكم مسلماً حراً ذكراً عاقلاً بالغاً عدلاً عالماً؛ لأنه ولايةٌ كولاية القضاء.
ويجوز أن يكون أعمى؛ لأن ما يوجب الحكم بينهم مشهور يدرك بالسماع، كالشهادة فيما طريقه الاستفاضة: تصح من الأعمى، ويكره أن يكون الحاكم حسن الرأي فيهم، ولكن يجوز حكمه؛ [لأنه عدل في الدين.
وإن نزلوا على حكم حاكم يختاره الإمام-: جاز؛ لأنه لا يختار إلا من يجوز حكمه].
وإن نزلوا على حكم حاكم يختارونه- لم يجز إلا أن يشترط أن يكون على الصفات التي ذكرناها، وإن نزلوا على حكم اثنين - جاز؛ لأنه تحكيم في مصلحة طريقها الرأي؛ فجاز أن يجعل إلى اثنين؛ كالتحكيم في اختيار الإمام.
وإن نزلوا على حكم من لا يجوز حكمه-: ردوا إلى القلعة، وكذلك: لو نزلوا على حكم حاكم، فمات، أو على حكم اثنين، فمات أحدهما-: ردوا إلى القلعة.
ولا يحكم الحاكم إلا بما فيه الحظ للمسلمين من القتل، أو الاسترقاق، أو المن، أو الفداء.
وإن حكم بعقد الذمة، وأخذ الجزية-: ففيه وجهان:
أحدهما: يجوز؛ لأنهم نزلوا على حكمه.
والثاني: لا يجوز: لأنه عقد معاوضة؛ فلا يجوز من غير رضاهم.
وإن حكم الحاكم أن من أسلم منهم استرق، ومن أقام على الكفر قتل-: جاز، ثم إن أراد الإمام أن يسترق من حكم بقتله-: لم يجز؛ لأنه لم ينزل على هذا الشرط.
الصفحة 487
536