كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 7)

واختلفوا في أن المجوس هل لهم كتاب أم لا؟ الأصح: ما قال علي - رضي الله عنه -: هم أهل كتاب بدلوا، فأصبحوا قد أُسري على كتابهم.
أما من لا كتاب لهم؛ وهم: عبدة الأوثان، وعبدة الملائكة والشمس والنار، والزنادقة، والمعطلة، فإنهم لا يقرون بالجزية؛ قال الله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5].
ولا فرق بين الكافر العجمي والعربي.
وعند أبي حنيفة: تؤخذ الجزية من الوثني العجمي، ولا تؤخذ من الوثني العربي، وتؤخذ من أهل الكتاب عربياً كان أو عجمياً.
وقال أبو يوسف: لاتؤخذ من العربي، كتابياً كان أو وثنياً، وتؤخذ من العجمي كتابياً كان أو وثنياً.
فالاعتبار -عندنا - بالأديان، وعنده بالأنساب.
والخلاف بيننا وبينه في فصلين:
أحدهما: في التابي العربي؛ تؤخذ منه الجزية، وعنده لا تؤخذ.
والثاني: في الوثني العجمي؛ لا تؤخذ منه الجزية، وعنده تؤخذ.
والقرآن دليل على أن أخذ الجزية [مخصوص بأهل الكتاب.
وروي: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم- اخذ الجزية من أكيدر دومة وهو رجل من غسان أو كندة وأخذ من أهل ذمة اليمن، وعامتهم عرب، ومن أهل نجران وفيهم عرب".
ولو اختلط المسلمون بجماعة من أهل الكفر، فقالوا: نحن أهل كتاب-: قبل قولهم وأقروا بالجزية؛ لأنه لا يعرف إلا بقولهم، ثم إن بان بخلافه-: فلا عهد لهم.
ولو ادعى بعضهم أنهم أهل الكتاب-: فقولهم مقبول في حق أنفسهم، ولا يضرهم إنكار أصحابهم.
فإن أسلم منهم اثنان، وشهدا أنهم على غير دين أهل الكتاب-: يقبل، وينبذ إليهم عهده؛ لأنه ظهر بطلان دعواهم، والله أعلم.

الصفحة 497