كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 7)
فصلٌ: في عقد الذمة
لا يجوز عقد الذمة إلا من الإمام، أو ممن فوض إليه الإمام؛ لأنه من المصالح العام؛ فلا يتولاه إلا الإمام.
وإذا عقد الإمام معهم عقد الذمة-: يجب أن يشترط عليهم شرائط؛ ليعلموا ما عليهم.
والذي عليهم قسمان: قسم لابد من ذكره في العقد، وقسم يقتضيه العقد من غير ذكر:
أما ما لا بد من ذكره: فشيئان.
أحدهما: قبول الجزية.
والثاني: جريان حكم الإسلام عليهم مطلقاً بلا تفسير.
وذكر أبو إسحاق شرطاً ثالثاً، وهو: ألا يذكروا الله ودينه ورسوله بسوء، فإن ترك شرط [شيء منها]-: لا يصح العقد.
وإن شرط عليهم، فتركوا شرطاً، منها-: صاروا ناقضين للعهد، سواء أخبرهم أن تركه نقض للعهد، أو لم يخبرهم.
وكل موضع صاروا ناقضين للعهد، هل يجوز قتلهم واسترقاقهم في الحال أم يبلغون المأمن؟ فيه قولان:
أحدهما: يبلغون المأمن؛ كمن دخل دار الإسلام بأمان صبي ظنه جائزاً.
والثاني: يقتلون أو يسترقون في الحال، وهو الصحيح؛ لأن كافر لا أمان له؛ كالأسير، ولو أراد الإمام المن أو الفداء-: يجوز؛ كالأسير.
أما ما يقتضيه العقد من غير ذكر-: فقسمان:
أحدهما: ما فعله ينافي عقد الذمة، وهو: نصب القتال مع المسلمين، فإذا فعلوا صاروا ناقضين للعهد، سواء شرط الإمام عليهم ذلك قولاً أو لم يشرط؛ لأن عقد الذمة الكف عن القتال.
أما إذا قتل واحدٌ منهم مسلماً، أو قاتله-: فلا يكون نقضاً.
الصفحة 505
536