كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 7)

والثاني: ما لا ينافي فعله عقد الذمة، وهو قسمان:
قسم يعود ضرره إلى المسلمين، وقسم هو إظهار منكر:
أما ما يعود ضرره إلى المسلمين: هو أن يزني بمسلمة، أو يصيبها باسم نكاح، أو يفتن مسلماً عن دينه، أو يقطع الطريق، أو يؤوي عيناً للكفار، أو ينمي إليهم أخبار المسلمين، أو يدل على عوراتهم، أو يقتل مسلماً، أو يقذفه، أو يمد يده إلى ماله، أو يذكر الله، أو كتابه، أو رسوله أو دينه بسوء، على قول أبي إسحاق؛ فإن فعلوا شيئاً منها - نظر: إن لم يكن شرط الإمام عليهم في العقد الامتناع منها-: لم ينقض بذلك عهدهم.
[وإن شرط-: فعلى قولين]:
أحدهما: نعم، ينتقض عهدهم؛ لمخالفة الشرط؛ كما لو امتنعوا عن بذل الجزية.
والثاني: وهو الأصح-: لا ينتقض عهدهم؛ كما لو أظهروا منكراً من الخمر والخنزير.
وعلى القولين: يقام عليهم موجباتها، فما كان موجباً للحد يقام حده، وما يوجب التعزير يعزر به؛ لأنه ارتكبه حين كان يجري عليه حكم الإسلام.
ثم بعد إقامة موجبه: إن جعلناه نقضاً للعهد-: يبلغ المأمن في قول.
وفي قول: يقتل أو يسترق في الحال.
ومن أصحابنا من قال: من سب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقتل حداً؛ لما روي أن رجلاً قال لعبد الله بن عمر؛ سمعت راهبا يشتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لو سمعته لقتلته؛ إنا لم نعط الأمان على هذا".

الصفحة 506