كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 7)

فلو كان دون بناء جيرانه، وفوق بناء مسلم آخر في محلة أخرى-: فلا يمنع.
ولو اشترى داراً بناؤه طائلعلى جيرانه-: لايهدم، فإذا انهدم-: ليس له أن يعيده طائلاً؛ قال الشيخ- رحمه الله-: وإذا كان جيرانه كلهم منهم، فأطال بعضهم بناءه على بعض-: جاز، وإن فتحها المسلمون صلحاً- نظر: إن فتحوا على أن يكون البلد للكفار-: لا يتعرض لهم فيما يفعلون فيه من إحداث الكنائس والبيع، وإطالة البناء، وإدخال الخمر والخنزير، وإظهار الصليب، وضرب الناقوس، والجهر بقراءة كتبهم، وإظهار مالهم من الأعياد، وترك الغيار؛ لأن الدار لهم ويمنعون من إيواء الجاسوس، وإنما الأخبار، ويعزرون عليه، إن فعلوا.
وإن فتحوا على أن تكون البلد للمسلمين-: فما كان لهم فيها من كنيسة، أو بيعة، أو بناء طائل-: لا يهدم، ويمنعون من إحداث شيء منها أو يوسعونها.
قال أبو إسحاق: يصير كأنا صالحناهم على أن البلد والأراضي لنا إلا الكنائس؛ كما لو صالحهم على أن يكون نصف الأراضي لنا، والنصف لهم، أو الربع لنا والباقي لهم-: يجوز.
فإذا انهدمت الكنيسة كلها-: هل يجوز لهم إعادتها؟ فيه وجهان:
أحدهما: وهو قول الإصطخري، وابن أبي هريرة-: لا يجوز؛ كما لو أرادوا بناءها في موضع آخر: لا يجوز.
والثاني: يجوز: لأن الصلح وقع على أن يكون موضع الكنائس لهم، ولا يجوز أن يزيد فيما كانت.
أما إذا سقط منها جدار-: جاز البناء، ولا يمنعون من تطيينها داخلاً وخارجاً.
فصلٌ
يجب على الإمام الذب عن أهل الذمة، ومنع من يقصدهم من المسلمين، أو الكفار، واستنقاذ من أسر منهم، واسترجاع ما أخذ من أموالهم، سواءٌ كانوا مع المسلمين في بلد، أو منفردين عنهم في بلد؛ لأنهم بذلوا الجزية؛ لحفظهم وحفظ أموالهم، فإن لم يدفع عنهم، حتى مضى حول-: لم تجب جزية ذلك الحول؛ كما لا تجب أجرة الدار، إذا لم يوجد التمكين من الانتفاع.
وإذا أخذ منهم خمر أو خنزير-: لا يجب استرجاعه؛ لأنه يحرم اقتناؤه في الشرع.
وإن عقد في الذمة بشرط ألا يمنع منه أهل الحرب؛ نظر:

الصفحة 510