كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 7)

العينين، مقرون الحاجبين، ويثبت ما يوجد في كل واحد منهم، ويجعل على كل طائفة عريفاً يتعرف أحوالهم، فإن أسلم منهم واحدٌ، أو مات-: اسقط جزيته، وإن بلغ مولودٌ أو دخل فيهم غيرهم-: اثبت اسمه، ومن أخذ جزيته-: كتب له براءة تكون له حجة عند الحاجة، وإن أشكل على افمام، أو على من جاء بعده صلحهم-: رجع غليهم، فمن أقر بأقل الجزية-: قبل منه، فإن اتهمه في الزيادة-: أحلفه استحباباً، وإن قال بعضهم: دينارٌ، وقال بعضهم: ديناران-: أخذ من كل واحد ما أقر به ولا يقبل قول بعضهم على بعض؛ لأن الكافر لا تقبل شهادته.
وإن ثبت بعد ذلك بإقرار أو بينة: أن الجزية كانت أكثر مما أقروا-: أخذت الزيادة منهم.
وإن قالوا: كنا نعطي دينارين متبرعين، وجزيتنا: لم تكن أكثر من دينار-: أحلفهم، واليمن واجبة؛ فإن نكلوا-: أخذ منهم ديناران.
وإن أسلم منهم جماعة، وشهد منهم اثنان: إن جزيتنا وجزيتهم كان دينارين-: يُؤخذ ديناران، وإن شهد مسلمان على دينار، وآخران على دينارين-: أخذ ديناران؛ لأن عندهم زيادة علم.
فصلٌ
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28]، وأراد بـ"المسجد الحرام": جميع الحرم؛ كما قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء: 1] وإنما أسري به من بيت أم هانيء انتهى.
بلاد الإسلام في حق الكفار ثلاثة أقسام: الحرم، والحجاز، وسائر بلاد الإسلام:
أما "الحرم"-: فلا يجوز لكافر أن يدخلها، لا لإقامة ولا مجتازاً، لا بمال ولا مجاناً؛ فإن كان لذمي على مسلم في الحرم دينٌ، أو له في الحرم مالٌ-: وكل مسلماً بأخذه.
وإذا جاء رسول منهم، والإمام في الحرم-: لا يأذن له في دخوله، بل يخرج إليه الإمام، فيسمع رسالته، أو يبعث من يسمعها.
وإذا جاء ليسلم- خرج إليه من يسمع كلامه.
وإن دخله كافرٌ عالماً- عزر، وأخرج، وإن كان جاهلاً-: أعلم، فإن عاد-: عزر.
وإن مرض-: لا يمرض فيه، وإن مات-: لا يدفن فيه، وإن دفن-: نبش قبره، فإن تقطع - ترك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -لم يأمر بنقل نم مات فيه قبل الفتح".

الصفحة 512