كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 7)

وجوز أبو حنيفة دخول المشركين الحرم بإذن أهل الإسلام مجتازاً؛ كالمساجد، والآية حجة عليه.
ون أذن له في دخول الحرم بمال-: لم يجز، فإن دخل-: استحق عليه المسمى؛ لأنه قد حصل له العوض، وأخرج، ولا يستحق عوض المثل؛ لأنه لا أجرة لمثله، والحرم من طريق المدينة على ثلاثة أميال، ومن طريق العراق على سبعة أميال، ومن طريق الجعرانة على تسعة أميال، ومن طريق الطائف على عرفة سبعة أميال، ومن طريق جدة على عشرة أميال. أهـ.
أما الحجاز: فقال الشافعي - رضي الله عنه-: هي مكة والمدينة واليمامة ومخاليفها.
قال الأصمعي: سمي حجازاً؛ لأنه حاجز بين تهامة، ونجد.
فيجوز للإمام- أن يأذن للكفار في دخولها، ولا يقيموا بها أكثر من ثلاثة أيام مقام المسافرين؛ لما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لا يجتمع دينان في جزيرة العرب، ولئن عشت إلى قابل لأخجرن اليهود والنصارى من جزيرة العرب".
فلم يعش النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قابل، ولم يتفرغ أبو بكر لذلك؛ لاشتغاله بقتال أهل الردة؛ فأجلاهم عمر - رضي الله عنه - وضرب لمن يقدم منهم تاجراً ثلاثة أيامٍ.
والمراد من "جزيرة العرب": الحجاز، فإن اليمن من جزيرة العرب، ويجوز تقرير أهل الذمة فيها، وحد جزيرة العرب: قال الأصمعي: من أقصى عدن إلى ريف العراق طولاً، ومن جدة وما والاها من ساحل البحر إلى أطراف الشام عرضاً.
ولا يجوز لهم دخول الحجاز، وإقامة ثلاث إلا بإذن الإمام؛ لأن دخولهم إنما أجيز لحاجة المسلمين، فكان مفوضاً إلى الإمام.
فإذا استأذن في الدخول: فإن كان للمسلمين منفعة بدخوله؛ بأن كان يحمل ميرة، أو جاء لأداء رسالة، أو عقد ذمة، أو هدنة -: أذن له.
وإن جاء لتجارة-: شرط عليه أن يعطي من تجارته شيئاً، وذلك إلى رأي الإمام.
ويتسحب أن يأخذ ما كان يأخذ عمر، كان يأخذ من المسلمين من تجاراتهم ربع العشر، ومن أهل الذمة [نصف العشر، ومن أهل الحرب العشر]، ولا يقيم أكثر من ثلاثة

الصفحة 513