كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 7)

أيام، فإن أقام في موضع ثلاثة أيام، ثم انتقل إلى موضع آخر، وأقام ثلاثة أيام، ثم كذلك ينتقل من موضع إلى موضع، ويقيم ثلاثة أيام في كل موضع-: جاز لأنه لم يصر مقيماً في موضع.
ولا يُمنع من روب بحر الحجاز؛ لأنه ليس موضع الإقامة، ويمنع من المقام في سواحله، والجزائر المسكونة في البحر أكثر من ثلاثة أيام، لأنه من بلاد الحجاز.
ولو دخل الحجاز لتجارة فمرض، ولم يمكنه الخروج-: جاز أن يُمرض فيه حتى يبرأ، وإن زاد على ثلاثة أيام، بخلاف الحرم؛ لأن هذا دخل دخولاً جائزاً، ودخول الحرم-: لم يكن جائزاً، وإن مات فيه: فإن أمكن نقله قبل أن يتغير-: لم يدفن فيه، وإن خيف عليه التغير-: دُفن فيه؛ لأجل الضرورة، وإن دفن-: لم ينبش.
أما سائر بلاد الإسلام، سوى الحجاز-: يجوز عقد الذمة مع أهل الكتاب على المقام فيها أبداً بالجزية، ويجوز لهم ولغيرهم من الكفار أن يدخلوها بالأمان، فمن دخل بغير أمان- يقتل، ويسترق.
فإن ادعى أني دخلت بأمان مسلم-: يقبل.
وقيل: لا يقبل، إلا ببينة يقيمها عليه.
وإذا استأذن واحدٌ منهم للدخول: فإن كان للمسلمين في دخوله منفعة من حمل ميرة، أو جاء لأداء رسالة، أو عقد ذمة أو هدنة-: أذن له، وإن جاء لتجارة-: لم يؤذن إلا بمال يؤخذ من تجارته، أما من غير حاجة-: فلا يؤذن له؛ لأنه لا يؤمن من كيده، ولعله يدخل لتجسس الأخبار، أو لشراء السلاح، وغيرهما مما يضر المسلمين، وإذا جاء لرسالة-: فلا يؤذن إلا قدر أداء رسالته، أو لحاجة إلا قدر قضائها.
وليس للكافر دخول المسجد إلا بإذن مسلم؛ فإن دخل بغير إذن-: عُزر وأخرج، يروي أن علياً - عليه السلام- كان على المنبر فبصر بمجوسي، فنزل، فضربه، وأخرجه.
وإذا استأذن في دخول المسجد، فإن كان لنوم أو أكل-: لا يؤذن له، وإن كان لسماع قرآن، أو علم-: يؤذن له؛ رجاء أن يُسلم؛ قال الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [التوبة: 6].
وإن كان جنباً -: هل يؤذن له؟ فيه وجهان:
أحدهما: يمنع؛ كما يمنع المسلم الجنب.

الصفحة 514