كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 7)

والثاني: لا يمنع؛ لأنه لا يعتقد تعظيمه؛ فلا يؤخذ به؛ كما لا يحد على شرب الخمر؛ لأنه يعتقد إباحته، بخلاف المسلم.
وإذا قعد القاضي للحكم في المسجد: فمن وقعت له خصومة من أهل الشرك-: جاز له دخوله؛ لأن قعود القاضي للحكم في المسجد إذن لهم في الدخول.
وإذا قدم وفد من الكفار، ولم يكن للإمام دارٌ ينزلها الوفود-: يجوز أن ينزلهم المسجد؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنزل سبايا بني قريظة في المسجد إلى أن بعثهم [للبيع] وربط ثمامة بن أثال في المسجد".
وإذا دخل الذمي الحجاز، أو الحربي دخل دار الإسلام لرسالة أو لشغل بالإذن لا للتجارة-: لا يؤخذ منه شيء.
وإن دخل تاجراً بالإذن: فإن شرط الإمام عليهم شيئاً-: أخذ المشروط، وإن لم يشرط-: فيه وجهان:
أحدهما: يؤخذ ما كان يأخذ عمر؛ اتباعاً له.
والثاني: وهو الأصح-: لا يؤخذ إلا بالشرط؛ لأنه أمان بلا شرط؛ كالهدنة، وكان عمر قد شرط ذلك عليهم وعند أبي حنيفة: إن كانوا هم يأخذون من المسلمين، إذا دخلوا دارهم-: يؤخذ منهم من غير شرط؛ وإلا فلا يؤخذ منه.
وإذا أخذنا من الذمي بدخول الحجاز بالشرط، أو بغير الشرط-: لا يحسب ذلك من الجزية، وإن شرط أن يؤخذ من تجارته-: أخذ، باع متاعه أو لم يبع.
وإن شرط أن يؤخذ من ثمن تجارته، فلم يبع-: لا يؤخذ؛ لأنه لم يحصل الثمن.
ولا [يؤخذ] ما شرط على الذمي في دخول الحجاز في السنة؛ كما لا تؤخذ منه الجزية في السنة إلا مرة.
أما ما يؤخذ من الحربي في دخول دار الإسلام: فإذا أخذ مرة، وكانوا يطوفون في بلاد الإسلام-: لا يؤخذ في كل بلدة، وتكتب له براءة حتى لا يطالب في بلد آخر قبل مضي الحول، وإن رجعوا على دار الحرب، ثم عادوا قل الحول-: ففيه وجهان:
أحدهما: لا يؤخذ في كل سنة إلا مرة؛ كأهل الذمة، إذا تكرر دخولهم الحجاز.

الصفحة 515