كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 7)

والثاني: يؤخذ في كل مرة يدخل، وإن تكرر دخوله في السنة، بخلاف الذمي؛ فإنه تحت يد الإمام، فلا يفوت ما شرط عليه، والحربي يرجع إلى دار الحرب، وربما لا يعود عند الحول، فيفوت ما شرط عليه، والله أعلم بالصواب.
باب/ نصارى العرب تُضاعف عليهم الجزية
رُوي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في أمر نصارى العرب من تنوخ، وبهراءن وبني تغلب: "أنه رامهم على الجزية، فقالوا: نحن عرب لا نؤدي ما تؤدي العجم فخذ منا ما يأخذ بعضكم من بعض - يعنون: الصدقة- فقال عمر: هذا فرض الله على المسلمين، قالوا: فزد ما شئت بهذا الاسم لا باسم الجزية، فراضاهم عمر على أن تضعف عليهم الصدقة" هـ.
إذا امتنع قوم من أداء الجزية باسم "الجزية"، وقالوا: نؤدي باسم "الصدقة"، [فرأى الإمام أن يأخذ منهم باسم "الصدقة"]، ويضعف عليهم ما يأخذ من المسلمين، كما فعل عمر بنصارى العرب-: يجوز، فيأخذ من خمس من الإبل شاتين، ومن خمس وعشرين ابنتي مخاض، ولا يأخذ منها حقة؛ كما يأخذ من خمسين، ويأخذ من أربعين شاة شاتين، ومن ثلاثين من البقر تبيعين.
وكذلك: تضعف عليهم صدقة الذهب، والورق، وزكاة التجارة، والثمر، والزرع، وحق المعدن، والركاز؛ فإن كان يأخذ من المسلم الخمس-: يأخذ منهم خمسين، وإن كان يأخذ من المسلم [العشر-: يأخذ منهم الخمس، وإن كان يأخذ من المسلم] نصف العشر يأخذ منهم العشر، وفيما يأخذ من المسلم ربع العشر-: يأخذ منهم نصف العشر.
وهل يأخذ من أنصاف النصاب النصف؛ مثل: إن كان له عشرون من الغنم-: هل يأخذ منها شاة، ومن عشر نصف شاة، ومن ثمانين شاة ثلاث شياه؟ فيه قولان:
أحدهما: يأخذ؛ لأنه قضية التضعيف.
والثاني: لا يأخذ، وهو الأصح؛ لأن الأثر في تضعيف الواجب على المسلم، لا في إيجاب ما لا يجب فيه شيء على المسلم.
وإذا وجبت في ست وأربعين من الإبل حقتان، وليستا عنده-: أخذت منه ابنتا لبون، وهل يضعف الجبران؟ فيه وجهان:

الصفحة 516