كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 7)

تدعو إليه الحاجة، وأكثرها عشر سنين؛ [لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - هادن قريشاً بالحديبية عشر سنين]، فإن زاد على عشر سنين-: لا يجوز؛ لأن الأصل وجوب الجهاد غلا فيما ورد فيه الرخصة، وهي عشر سنين.
فإن عقد على عشر سنين، فانقضت، والحاجة باقية-: استأنف العقد فيما تدعو إليه الحاجة، وإن عقد على أكثر من عشر سنين-: بطل فيما زاد على العشر، وفي العشر قولان؛ بناء على تفريق الصفقة [في البيع]:
فقيل ههنا: يجوز في العشر قولاً واحداً؛ لأنه عقد مع الكفار؛ فيسامح فيه بما لا يسامح في عقود المسلمين؛ وكذلك: إن دعت الحاجة إلى خمس سنين-: لم يجز أن يزيد عليها؛ فإن عقد على أكثر-: بطلت في الزيادة على الخمس، وفي الخمس هذا الاختلاف.
ولو عقد الهدنة مطلقاً-: لا يصح؛ لأن مطلق العقد يقتضي التأبيد.
وقيل: يصح، وإن كان في وقت قوة المسلمين-: ينصرف إلى أربعة أشهر.
وفي قول: إلى سنة.
وإن كان بالمسلمين ضعف-: ينصرف إلى عشر سنين.
أما إذا عقد الهدنة على أن له أن ينقض متى شاء-: جاز؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- وادع يهود خيبر، وقال: "أقركم على ما أقركم الله".
[ولو قال غير النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أقركم ما أقركم الله] أو هادنتكم إلى أن يشاء الله-: لايصح؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم ما عند الله بالوحي، وغيره لا يعلم.
ولو هادنهم ما شاء فلان، وفلان رجلٌ مسلمٌ أمين عالمٌ، له رأي-: جاز، فإن شاء أن ينقض نقض.
وإن قال: هادنتكم ما شئتم-: لا يصح؛ لأنه يجعل الكفار محكمين على المسلمين، وعقد الذمة-: يجوز مؤبداً بخلاف الهدنة، وهل يجوز عقد الذمة مؤقتاً؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجوز؛ كالمهادنة.

الصفحة 519