كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 7)
والقول الثاني: الشرط كان في حق الرجال خاصة، وجاز ذلك في حقهم؛ لقوة قلوبهم، وقلة فتنتهم، وأنهم إذا أكرهوا على الكفر أمكنهم إظهار ما ليس في قلوبهم، ولم يدخل فيه النساء؛ لأنهن يضعفن عن ذلك؛ فلا تؤمن فتنتهن وارتدادهن، لنقصان عقولهن، وقلة هدايتهن، ويخشى عليهن من أن يصيبهن الكفار.
فإن قلن: شرط الرد لم يتناول النساء، فهل علمه النبي - صلى الله عليه وسلم - أو لم يعلم، إلا بعد نزول الآية؟ فيه احتمالان:
أحدهما: لم يعلمه؛ بدليل أنه لم يظهره.
والثاني: علمه؛ ولنه لم يهره؛ لما علم فيه من المصلحة.
فإن قلنا: الشرط تناول النساء فيما إذا صار منسوخاً-: فيه قولان؛ بناء على أن نسخ السنة بالقرآن-: هل يجوز أم لا؟ [وفيه قولان:
أحدهما لا يجوز نسخ السنة بالقرآن.
والثاني: يجوز؛ لأنه نسخ الأدنى بالأعلى.
فإن قلنا يجوز-: صار منسوخاً بقوله تعالى: {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10].
وإن قلنا: لا يجوز]-: صار منسوخاً بامتناع النبي - صلى الله عليه وسلم -[عن ردهن] فيكون نسخ السنة بالسنة. هـ.
[ذكر الخلاف في رد المهر فيما إذا عقد الهدنة مطلقاً من غير شرط: فإذا جاءت منه امرأة مسلمة- هل يجب رد المهر؟ فيه قولان:
أحدهما: لا يجب؛ لعدم الشرط، والنبي - عليه السلام- إنما أعطى؛ لأنه شرط رد من جاء.
والثاني: يجب؛ لأن مطلق العقد يقتضي الكف عن أموالهم، وما في معنى المال، فإذا لم يكف-: وجب البدل.
قال - رحمه الله-: وعندي إذا عقد مطلقاً-: لا يجب رد المهر؛ لأن عقد الهدنة
الصفحة 521
536