كتاب التهذيب في فقه الإمام الشافعي (اسم الجزء: 7)

لا يقتضي الكف عن الإسلام، بل إذا شرط رد من جاء منهم-: لا ترد الهدنة؛ كما ذكرت].
ولا يجوز عقد الهدنة اليوم على أن من أتى منهم مسلماً-: نرده؛ فإن احتاج إلى شيء من ذلك، لضعف أهل الإسلام، وقوة الكفار-: فلا يجوز أن يشترط رد النساء، ولا يشترط رد الرجال مطلقاً؛ لأنه قد يأتيه من لا يجوز رده، فإن رد من لا عشيرة له-: لا يجوز.
فإذا عقد الإمام الهدنة، وشرط رد من جاء منهم مسلماً-: قال الشيخ- رحمه الله-: لاترد الهدنة، وإن لم يعمل ببعضه، وهو رد النساء، ورد العبيد، ورد الرجال على غير عشيرته كما أن صلح الحديبية كان نافذاً، وإن منع عن رد النساء، [ورد العبيد].
فإذا عقد على هذا الشرط، ثم جاء رجل منهم مسلماً؛ فإن جاء في طلبه غير عشيرته]-: لا يرد، وإن جاء من عشيرته-: رده؛ لأنه لا يخاف عليه من عشيرته، بل يقومون عليه بحفظه، والذب عنه، وكان رد أبي جندل على هذا الوجه؛ لأنه رد إلى أبيه، فإن لم يكن له رهط أو عشيرة-: لا يجوز رده؛ لأنه لا يؤمن أن يفتن عن دينه، ولا تجب القيمة؛ لأن الحر لا قيمة له.
وكذلك: إن جاء من يطلبه، والمطلوب قادر على قهر الطالب والانفلات منه-: جاز الرد عليه.
وعلى هذا الوجه-: كان رد أبي بصير؛ فإنه قد جاء في طلبه رجلان، فدفع إليهما، فقتل أحدهما، وأفلت.
ومعنى الرد: هو ألا يمنعه عن الرجوع، إما أن يُكرهه على الرجوع-: فلا، بل نقول: لك في الأرض مراغم كثيرة وسعة.
فإن اختار المقام في دار الإسلام-: فلا يمنع، وهو الأولى، وإن اختار الرجوع على أهله في دار الكفر-: فله ذلك، ويقول الإمام للطالب: لا نمنعك منه، إن قدرت عليه، وإن لم تقدر-: لا نعينك عليه، ويقول للمطلوب ويوصيه في السر: إن رجعت إليهم، ثم قدرت أن تهرب، فافعل.
وإن جاءت امرأة من أهل الهدنة مسلمة إلى موضع الإمام، وهي حرة عاقلة بالغة،

الصفحة 522