كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (اسم الجزء: 7)

فَكُلُّ الَّذِي عَدَّدْتُ يَكْفِيكَ بَعْضُهُ ... وَنَيلُكَ [1] خَيْرٌ مِنْ بُحُورٍ سَوَائِلِ
فَقَالَ: يَا أَحْوَصُ، إِنَّكَ تُسْأَلُ عَمَّا قُلْتَ. وَتَقَدَّمَ نُصَيْبٌ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الإِنْشَادِ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَأَمَرَهُ بِالْغَزْوِ إِلَى دابق، فخرج وهو محموم. وأمر لي بثلاثمائة دِرْهَمٍ، وَلِلأَحْوَصِ بِمِثْلِهَا، وَلِنُصَيْبٍ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا [2] .
قال المصنف: وما زال عمر بن عبد العزيز منذ ولي يجتهد في العدل ومحو الظلم وترك الهوى، وكان يقول للناس: ارحلوا إلى بلادكم [3] فإني أنساكم ها هنا وأذكركم في بلادكم. ومن ظلمه عامله فلا إذن له علي.
وخير جواريه لما ولي، فقال: قد جاء أمر شغلني عنكن فمن أحب أن أعتقه أعتقته، ومن أراد أن أمسكه أمسكته ولم يكن مني إليها شيء، قالت زوجته فاطمة: ما أعلم أنه اغتسل لا من جنابة ولا من احتلام منذ ولي إلى أن مات.
وقيل لها: اغسلي قميصه، فقالت: والله ما يملك غيره.
أَخْبَرَنَا المبارك بْن عَلي الصيرفي، قَالَ: أَخْبَرَنَا علي بن محمد العلاف، قال:
أخبرنا عبد الملك بن بشران، قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم الكندي، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر، قال: أخبرنا أبو الفضل الربعي، قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، عن الهيثم بن عدي، قال:
كانت لفاطمة بنت عبد الملك بن مروان- زوجة عمر- جارية ذات جمال فائق، وكان عمر معجبا بها قبل أن تفضي إليه الخلافة، فطلبها منها وحرص، فغارت من ذلك، فلم تزل في نفس عمر، فلما استخلف أمرت فاطمة بالجارية فأصلحت ثم حليت، فكانت حديثا في حسنها وجمالها، ثم دخلت فاطمة بالجارية على عمر، فقالت: يا أمير المؤمنين، إنك كنت بفلانة معجبا، وسألتنيها فأبيت ذلك عليك، وإن نفسي قد طابت لك بها اليوم، فدونكها، فلما قالت ذلك استبانت الفرح في وجهه، ثم قال: ابعثي بها إلي، ففعلت، فلما دخلت عليه نظر إلى شيء أعجبه فازداد بها عجبا، فقال لها: ألقي
__________
[1] في الأصل: «وفلك» . وما أوردناه من الأغاني.
[2] في ت: وأمر لي بثلاثمائة درهم ثم أمر للأحوص بمثل ما أمر لكثير من الدراهم ولنصيب بخمسين درهما.
وفي الأغاني: «وأمر لي وللأحوص لكل واحد بمائة وخمسين درهما» .
[3] في ت: «الحقوا ببلادكم» .

الصفحة 42