كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (اسم الجزء: 7)

فلربما ظن الخير بغير أهله، قم فأنت الكاذب المائن، قال: فقمت وما أبصر طريقا، فلما خلفت الستر لحقني لا حق من قبله فقال للحاجب: احبس هذا، ادخل يا أبا محمد.
قال: فدخل الحجاج فلبث مليا لا أشك أنهما في أمري، ثم خرج الإذن: قم يا أبا طلحة ادخل، فقمت فلما كشف لي الستر لقيني الحجاج وهو خارج وأنا داخل، فاعتنقني وقبل ما بين عيني ثم قال: إذا ما جزى الله المتواخين [1] بفضل تواصلهم جزاك [2] الله أفضل ما جزى أخا عن أخيه، فو الله لئن سلمت لأرفعن ناطرك، ولأعلين كفك ولأتبعن الرجال غبار قدمك. قال: قلت: تهزأ بي. فلما وصلت إلى عبد الملك أدناني حتى أجلسني في مجلسي الأول ثم قال: يا ابن طلحة، لعل أحدا من الناس شاركك في نصيحتك، قلت: لا والله ولا أعلم أحدا كان أظهر عندي معروفا ولا أوضح يدا من الحجاج، ولو كنت محابيا أحدا بديني لكان هو، ولكني آثرت الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلّم والمسلمين وأنت عليه. قال: قد علمت أنك آثرت الله، ولو أردت الدنيا كان لك في الحجاج كفاية، وقد أزحت الحجاج عن الحرمين [وأعلمته أنك استنزلتني له عنهما استصغارا لهما عنه] [3] ووليته العراقين لما هناك من الأمور التي لا يدحضها إلا مثله، وأعلمته أنك استدعيتني إلى التولية عليهما استزادة له ليلزمه من نصيحتك [4] ما يؤدي به عني إليك [الحق] [5] ، وتصير معه إلى الذي تستحقه، فاخرج معه فإنك غير ذام صحبته.
544- سعيد بن أبي الحسن، أخو الحسن البصري: [6]
روى محمد بن سعد [7] ، قال: حدثنا عارم [بن الفضل] [8] ، قال: حدّثنا
__________
[1] في الأصل: «أما جزى الله المتواخين» .
[2] في الأصل: «فجزاك» . وما أوردناه من ت.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، وما أوردناه من ت.
[4] في الأصل: «ليكرمه من صحبتك» ، وما أوردناه من ت.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] طبقات ابن سعد 7/ 1/ 129، وطبقات خليفة 210، والتاريخ الكبير 3/ 1538، والجرح والتعديل 4/ 306، وتاريخ الإسلام 4/ 7، 119، وتهذيب التهذيب 4/ 16.
[7] في الأصل: «عن محمد بن سعد» . وما أوردناه من ت.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، أوردناه من ت.

الصفحة 48