@ 474 @
وحملوا على الديلم من خلفهم فأفرج لهم الديلم فلما توسطوا بينهم اطبقوا عليهم فقتلوهم فلما عرف بهاء الدولة ذلك ضعفت نفسه وعزم على العود ولم يظهر ذلك فأمر بإسراج الخيل وحمل السلام ففعل ذلك وسار نحو الأهواز يسيرا ثم عاد إلى البصرة فنزل بظاهرها فلما عرف ابن مكرم خبر بهاء الدولة عاد إلى عسكر مكرم وتبعهم العلاء والديلم فأجلوهم عنها فنزلوا براملان بين عسكر مكرم وتستر وتكررت الوقائع بين الفريقين مدة وكان بيد الأتراك أصحاب بهاء الدولة من تستر إلى رامهرمز ومع الديلم منها إلى أرجان وأقاموا ستة أشهر ثم رجعوا إلى الأهواز ثم عبر بهم النهر إلى الديلم واقتتلوا نحو شهرين ثم رحل الأتراك وتبعهم العلاء فوجدهم قد سلكوا طريق واسط فكف عنهم وأقام بعسكر مكرم
$ ذكر حادثثة غريبة بالأندلس $
في هذه السنة سير المنصور محمد بن أبي عامر أمير الأندلس لهشام المؤيد عسكرا إلى بلاد الفرنج للغزاة فنالوا منهم وغنموا وأوغلوا في ديارهم وأسروا غرسية وهو ملك للفرنج ابن ملك من ملوكهم يقال له شانجة وكان من أعظم ملوكهم وأمنعهم وكان من القدر أن شاعرا للمنصور يقال له أبو العلاء صاعد بن الحسن الربعي قد قصده من بلاد الموصل وأقام عنده وامتدحه قبل هذا التاريخ فلما كان الآن أهدى أبو العلاء إلى المنصور أيلا وكتب معه أبياتا منها
( يا حرز كل مخوف وأمان كل ... مشرد ومعز كل مذلل )
( جدواك أن تخصص به فلأهله ... وتعم بالإحسان كل مؤمل ) يقول فيها
( مولاي مؤنس غربتي متخطفي ... من ظفر أيامي ممنع معقلي )
( عبد رفعت بضبعه وغرسته ... في نعمة أهدي إليك بايل )
( سميته غرسية وبعثته ... في حبله ليتاح فيه تفاؤلي )
( فلئن قبلت فتلك أسنى نعمة ... أسدى بها ذو نعمة وتطول )
فسمي هذا الشاعر الايل غرسية تفاؤلا بأسر ذلك غرسية فكان أسره في اليوم الذي أهدي فيه الايل فانظر إلى هذا الاتفاق ما أعجبه