كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 7)

@ 52 @
والله لا أسلمك أبدا وأخذ بيد القاهر وقال قم بنا نخرج جميعا وأدعو أصحابي وعشيرتي فيقاتلون معك ودونك فقاما ليخرجا فوجدا الأبواب مغلقة فتبعهما فائق وجه القصعة يمشي معهما فأشرف القاهر من سطح فرآى كثرة الجمع فنزل هو وابن حمدان وفائق فقال ابن حمدان للقاهر قف حتى اعود إليك ونزع سواده وثيابه واخذ جبة صوف لغلام هناك فلبسها ومشى نحو باب النوبي فرآه مغلقا والناس من ورائه فعاد إلى القاهر وتأخر عنهما وجه القصعة ومن معه من الخدم فأمرهم وجه القصعة بقتلهما أخذا بثار المقتدر وما صنعاه به فعاد إليهما عشرة من الخدم بالسلاح فعاد إليهم أبو الهيجاء وسيفه بيده ونزع الجبة الصوف وأخذها بيده الاخرى وحمل عليهم فانجفلوا بين يديه وغشيهم فرموه بالنشاب ضرورة فعاد عنهم وانفرد عنه القاهر ومشى إلى آخر البستان فاختفى فيه ودخل أبو الهيجاء إلى بيت من ساج وتقدم الخدم إلى ذلك البيت فخرج إليهم أبو الهيجاء فولوا هاربين ودخل إليهم بعض اكابر الغلمان الحجرية ومعه سودان بسلاح فقصدوا أبا الهيجاء فخرج إليهم فرمي بالسهام فسقط فقصده بعضهم فرضبه بالسيف فقطع يده اليمنى وأخذ رأسه فحمله بعضهم ومشى وهو معه
وأما الرجالة فغنهم لما انتهوا إلى دار مؤنس وسمع زعقاتهم قال ما الذي تريدون فقيل له نريد المقتدر فامر بتسليمه إليهم فلما قيل للمقتدر ليخرج خاف على نفسه أن تكون حيلة عليه فامتنع وحمل واخرج إليهم فحمله الرجالة على رقابهم حتى أدخلوه دار الخلافة فلما حصل في الصحن التسعيني اطمأن وقعد فسأل عن أخيه القاهر وعن ابن حمدان فقيل هما أحياء فكتب لهما أمانا بخطه وأمر خادما بالسرعة بكتاب الأمان لئلا يحدث على ابي الهيجاء حادث فمضى بالخط إليه فلقيه الخادم الآخر ومعه رأسه فعاد معه فلما رآه المقتدر وأخبره بقتله قال إنا لله وإنا إليه راجعون من قتله فقال الخدم ما نعرف قاتله وعظم عليه قتله وقال ما كان يدخل علي ويسلينن ويظهر لي الغم هذه الأيام غيره
ثم أخذ القاهر وأحضر عند المقتدر فاستدناه فأجلسه عنده وقبل جبينه وقال له يا أخي قد علمت أنه لا ذنب لك وأنك قهرت ولو لقبوك بالمقهور لكان أولى من القاهر والقاهر يبكي ويقول يا أمير المؤمنين نفسي نفسي أذكر الرحم التي بيني

الصفحة 52