كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)
صفحة رقم 13
ثم استلقى عليه فضحك ثم أقبل علي فقال : ( ما من امرىء مسلم يركب دابته فيصنع كما صنعت إلا أقبل الله عليه يضحك إليه كما ضحكت إليك ) وروى أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كان إذا ركب راحلته ثلاثاً ثم قال : ( سبحان الذي سخر لنا هذا الآية ) ، ثم يقول : ( اللهم إني أسألك في سفري هذاالبر والتقوى ومن العمل ما ترضى اللهم هون علينا السفر واطو لنا البعيد ، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل ، اللهم اصبحنا في سفرنا واخلفنا في أهلنا ) ، وكان إذا رجع إلى أهله قال : ( آئبون تائبون إن شاء الله عابدون لربينا حامدون ) وروى أحمد عن أبي لاس الخزاعي رضي الله عنه قال : يا رسول الله ما نرى أن تحملنا هذه ، فقال : ( ما من بيعد إلا في ذروته شيطان فاذكروا اسم الله عليها إذا ركبتموها كما أمركم ثم امتهنوها لأنفسكم فإنما يحمل الله عز وجل ) .
ولما علم بهذا الاعتراف منه وما تبعه من التقريب أن العالم كله متزاوج بتسخير بعضه لبعض ، فثبت أن خالقه مباين له لا يصح أصلاً أن يكون محتاجاً بوجه لأنه لا مثل له أصلا ، كان موضع التعجيب من نسبتهم الولد إليه سبحانه : فقال لافتاً القول عن خطابهم للإعراض المؤذن بالغضب : ( وجعلوا ) أي ولئن سألتهم ليقولن كذا اللازم منه قطعاً لأنه لا مثل ) له ( والحال أنهم نسبوا له وصيروا بقولهم قبل سؤالك إياهم نسبة هم حاكمون بها حكماً لا يتمارون فيه كأنهم تمكنون من ذلك تمكن الجاعل فيه يجعله ) من عباده ( الذين أبدعهم كما أبدع غيرهم ) جزءاً ) أي ولداً هو لحصرهم إياه في الأنثى أحد قسمي الأولاد ، ولد فهو جزء من والده ، ومن كان له جزء كان محتاجاً فلم يكن إلهاً وذكل لقولهم : الملائكة بنات الله ، فثبت بذلك طيش عقولهم وسخافة آرائهم .
ولما كان هذا في غاية الغلظة من الكفر ، قال مؤكداً لإنكارهم أن يكون عندهم