كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)

صفحة رقم 14
كفر : ( إن الإنسان ) أي هذا النوع الذي هم بعضه ) لكفور مبين ) أي مبين الكفر في نفسه مناد عليها بالكفر بياناً لذلك لكل أحد هذا ما يقتضيه طبعه بما هو عليه من النقص بالشهوات والظهوظ ليبين فضل من حفظه الله بالعقل على من سواه من جميع المخلوقات بمجاهدته لعدو وهو بين جنبيه مع ظهور قدرة الله الباهرة بذلك .
ولما كان كأنه قيل إنكاراً عليهم وتهكماً بهم حيث لم يرضوا بأن جعلوا لمن إليه الجعل من عباده جزءاً حتى جعلوه شر الجزئين الإناث ، وهم أشد الناس نفرة منهن : أوهل له ذلك الجزء الذي جعلتموه إناثاً غيره قسراً بحيث لم يقدر أن ينفك عنه كما قدم في السورة التي قبله ن نفسه المقدس أنه يهب لمن يشاء إناثاً ولا يقدر على التقصير عنهن بوجه ، عادله بقوله عائداً إلى الخطاب لأنه أعقد في التبكيت على اختيار الغي عن الصواب : ( أم اتخذ ) أي عالج هو نفسه فأخذ بعد المعالجة وهو خالق الخلق كلهم ) مما يخلق ) أي يجدد إبداعه في كل وقت كما اعترفتم ) بنات ( فلم يقدر بعد التكليف والتعب على غير البنات التي هي أبغض الجزئين إليكم ، ونكر لتخصيصهم اتخاذه ببعض هذا الصنف الذي شاركه فيه غيره ، وعطف على قوله ( اتخذ ) ليكون منفياً على أبلغ وجه لكونه في حيز الإنكار : ( وأصفاكم ( وهو السيد وأنتم عبيده ) بالبنين ) أي الجزء الأكمل لديكم المستحق لأن يكون دائماً مستحضراً في الخاطر فلذلك عرفه ولأنهم ادعوا أن هذا النوع كله خاص بهم لم يشاركهم في شيء منه ، فكان هذا الكفر الثاني أعرق في المحال من الأول للزيادة على مطلق الحاجة بالسفه في أنه رضي بالدون الخسيس فلم يشاركهم في شيء من الأعلى ، بل جعل لهم ذلك خالصاً صافياً عن أدنى ما يشوبه من كدر .
ولما كانت نسبة الولد إليه سبحانه مما لا يبنغي أن يخطر بالبال على حال من الأحوال .
وكانت نسبته على سبيل الحقيقة أبعد منها على طريق المثال بأن يقال : الملائكة عنده في العزة بمنزلة البنات عند الأب ، قال مرشداً إلى أن ما قالوه لو كان على قصد التمثيل في غاية القباحة فضلاً عن أن يكون على التحقيق ، عائداً إلى الإعراض المؤذن بالمقت والإبعاد .
) وإذا ) أي جعلوا ذلك والحال أنه إذا ) بشر ( من أي مبشر كان ) أحدهم ( أطلق عليه ذلك تنبيهاً على أنه مما يسر كالذكر سواء في أن كلاً منهما ولد وتارة يسر وتارة يضر وهو نعمة من الخالق لأنه خير من العقم ) بما ضرب ( وعدل عن الوصف بالربوبية لأنه قد يدعى المشاركة في مطلق التربية إلى الوصف الدال على عموم الرحمة ، فتأمله بمجرده كاف في الزجر عن سوء قولهم فقال : ( للرحمن ) أي الذي لا نعمة على شيء من الخلق إلا وهو منه ) مثلاً ) أي جعل له شبهاً وهو الأنثى ، وعبر به دونه أن يقول : بما جعل ، موضع ( بما ضرب ) تعليماً للأدب

الصفحة 14