كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)
صفحة رقم 20
) في قرية ( وأعرق في النفي بقوله : ( من نذير ( وبين به أن موضع الكراهة والخلاف الإنذار على مخالفة الأهواء ) إلا قال مترفوها ) أي أهل الترفه بالضم وهي النعمة والطعام الطيب والشيء الطريق يكون خاصة بالمترف ، وذلك موجب للقلة وهو موجب للراحة والبطالة الصارف عن جهد الاجتهاد إلى سفالة التقليد ، وهو موجب لركون الهواء ولو بان الدليل ، وهو موجب للبغي والإصرار عليه واللجاجة فيه والتجبر والطغيان ، ومعظم الناس في الأغلب أتباع لهؤلاء : ( إنا وجنا آباءنا ) أي وهم أعرف منا بالأمور ) على أمة ) أي أمر جامع يستحق أن يقصد ويؤم وطريقة ودين ، وأكدوا قطعاً لرجاء المخالف من لفتهم عن ذلك ) وإنا على آثارهم ( لا غيرها ، ثم بينوا الجار والمجرور وأخبروا خبراً ثانياً واستأنفوا لإتمام مرادهم قولهم إيضاحاً لأن سبب القص القدوة : ( مقتدون ) أي مستنون أي راكبون سنن طريقهم لازمون له لأنهم مقتدون لأن تقدم عليهم ، وحالنا أطيب ما يكون في الاستقامة وأقرب وأسرع .
الزخرف : ( 24 - 28 ) قال أولو جئتكم. .. . .
) قُلْ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَآءَكُمْ قَالُواْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَآءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ( ( )
ولما كان كأنه قيل : فقال كل نذير : فما أصنع ؟ أجاب بقوله : ( قل ) أي يا أيها النذير - هذا على قراءة الجماعة ، وعلى قراءة ابن عامر وحفص وعاصم يكون التقدير أن السامع قال : فما قال النذير في جوابهم ؟ فأجيب بقوله : قال إنكاراً عليهم : ( أولو ) أي أتقتدون بآبائكم على كل حال وتعدونهم مهتدين ولو ) جئتكم ( والضمير فيه للنذير ، وفي قراءة أبي جعفر : أو لو جئتكم للنذر كلهم ) بأهدى ) أي أمر أعظم في الهداية وأوضح في الدلالة ) ما وجدتم ) أي أيها المقتدون بالآباء ) عليه آباءكم ( كما تضمن قولكم أنكم تقنفون في اتباعهم بالآثار في أعظم الأشياء ، وهو الدين الذي الخسارة فيه خسارة للنفس وأنتم تخالفونهم في أمر الدنيا إذا وجدتم طريقاً أهدى من التصرف فيها من طريقهم ولو بأمر يسير ، ويفتخر أحدكم بأنه أدرك من ذلك ما لم يدرك أبوه فحصل من المال أكثر مما حصل ، فيا له من نظر ما أقصره ، ومتجر ما أخسره .
ولما كان من المعلوم أن النذر قالوا لهم ما أمروا به ؟ فتشوف السامع إلى جوابهم لهم ، أجيب بقوله : ( قالوا ( مؤكدين رداً لما قطع به كل عاقل سمع هذا الكلام من أنهم يبادرون النظر في الدليل والرجوع إلى سواء السبيل : ( إنا بما أرسلتم به ) أي أيها