كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)

صفحة رقم 21
المدعون للإرسال من أي مرسل كان ، ولو ثبت ما زعمتموه من الرسالة ولو جئتمونا بما هو أهدى ) كافرون ) أي ساترون لما ظهر من ذلك جهدنا حتى لا يظهر لأحد ولا يتبعهم فيه مخلوق .
ولما علم بهذا أن أمرهم وصل إلى العناد المسقط للاحتجاج ، سبب عنه قوله موعظة لهذه الأمة وبياناً لما خصها به من الرحمة : ( فانتقمنا ) أي بما لنا من العظمة التي استحقوا بها ) منهم ) أي بسبب التعرف لذلك وبالاستفهام إشارة إلى أن ذلك أمر هو جدير لعظمه بخفاء سببه فقال : ( كيف كان عاقبة ) أي آخر أمر ) المكذبين ) أي إرسالنا فإنهم هلكوا أجمعون ، ونجا المؤمنون أجمعون ، فليحذر من رد رسالتك من مثل ذلك .
ولما ذكر لهم الأدلة وحذرهم بالأخذ وتحرر أنهم مع التقليد لا ينفكون عنه ، ذكرهم بأعظهم آبائهم ومحط فخرهم وأحقهم بالاتباع للفوز بأتباع الأب في ترك التقليد أو في تقليده إن كان لا بد لهم من التقليد لكونه أعظم الآباء ولكونه مع الدليل ، فقال عاطفاً على ما تقديره للإرشارة إلى تأمله وإمعان النظر فيه : اذكر لهم ذلك : ( وإذ ) أي واذكر لهم حين ) قال ( أعظم آبائهم ومحط فخرهم والمجمع على محبته وحقية دينه منهم ومن أهل الكتاب وغيرهم ) إبراهيم لأبيه ( من غير أن يقلده كما أنتم قلدتم آبائكم ، ولما كانت مخالفة الواحد للجمع شديدة ، ذكر لهم حاله فيها بياناً لأنهم أحق منهم بالانفكاك عن التقليد ) وقومه ( الذين كانوا هم القوم في الحقيقة لاحتوائهم على ملك جميع الأرض كما قلت : إنا لكم سواء ولما كانوا لا يتخيلون أصلاً أن أحداً يكون مخالفاً لهم ، أكد بالحرف وإظهار نون الوقاية فقال : ( إنني ( وزاد بالنعت بالمصدر الذي يستوي فيه الواحد وغيره والمذكر وغيره لكونه مصدراً وإن وقع موقع الصفة باللفظ الدال على أنه مجسد من البراءة جعله على صورة المزيد لزيادة التأكيد فقال : ( براء ( ومن ضمه جعله وصفاً محضاً مثل طوال في طويل ) مما تعبدون ( في الحال والاستقبال مهما كان غير من اشتبه ، فإنهم كانوا مشركين فلا بد من الاستثناء ومن كونه متصلاً ، قال الإمام أبو علي الحسن بن حييى بن نصر الجرجاني في كتاب بيان نظم القرآن ما حاصله : سر قول السلف أن الكلمة هنا أي الآية في قوله كلمة باقية ) لا إله إلا الله ( أن النفي والتبرئة واحد فإنني براء بمنزلة لا ، وقوله ) مما تعبدون ( بمنزلة إله إذا كل معبود يسمى إلهاً فآل ذلك إلى : لا إله ) إلا الذي فطرني ( قال : فقد ضممت بهذا التأويل إلى فهمك الأول الذي استفدته من الخبر فهم المعرفة الحقيقية الذي أفاد له طباعك بالعبرة ، ونبه

الصفحة 21