كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)

صفحة رقم 23
ضلالهم وتيههم ولم أعاجلهم بالعقوبة لأني ) متعت ( بإفراده ضميرهم سبحانه لأن التمتيع يتضمن إطالة العمر التي لا يقدر عليها ظاهراً ولا باطناً سواه وأما الانتقام فقد يجعله بأيدي عباده من الملائكة وغيرهم فهو من وادي
77 ( ) سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين ( ) 7
[ القلم : 45 ] ) هؤلاء ) أي الذين بحضرتك من المشركين وأعداء الدين ) وآباءهم ( فمددت من الأعمار مع سلامة الأبدان ومتانة الأركان ، وإسباغ النعم والإعفاء من البلايا والنقم ، فأبطرتهم نعمي وأزهدتهم أيادي جودي وكرمي ، وتمادى بهم ركوب ذلك الباطل ) حتى جاءهم الحق ( بهذا الدين المتين ) ورسول مبين ) أي أمره ظاهر في نفسه ، لو لم تكن فيه آيات مبينة كانت بديهية تنبئك بالخبر وهو مع ظهوره ف نفسه مظهر لكل معنىً يحتاج إليه ، و ) متعت ( بالخطاب من لسان الرسول المنزل عليه هذا الكتاب لأنه يدعو انتهازاً للفرصة لعله يجاب بما يزيل الغصة يقول : يا رب قد أقمتهم لمن يجهل العواقب في مقام من يرجى رجوعه فما قضيت بذلك بل متعت إلى آخره .
ولما كان التقدير : فلم يردهم التمتيع بإدرار النعم عليهم وإسراعنا بها إليهم مع وضوح الأمر لهم ، بل كان الإنعام عليهم سبباً لبطرهم ، وكان البطر سبباً لتماديهم على الاستعانة بنعمتنا على عصيان أمرنا وهم يدعون أنهم أتبع الناس للحق وأكفهم عن الباطل ، عطف عليه قوله ؛ ) ولما جاءهم الحق ) أي الكامل في حقيته بمطابقة الواقع إياه من غير إلباس ولا اشتباه ، الظاهر في كماله لكل من له أدنى لب بما عليه القرآن من الإعجاز في نظنه ، وما عليه ما يدعو إليه من الحكمة من جميع حكمه ، والتصادق مع ما يعلمونه من دين إبراهيم عليه

الصفحة 23