كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)

صفحة رقم 31
لغيره وهي كثيرة جداً ، وقد أكرم الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسمل عن أن يريه شيئاً يكرهه في أمته حتى قبض .
ولما أوقف سبحانه السامع بهاتين الشرطيتين بين الخوف والرجاء لبيان الاستبداد بعلم الغيب تغليباً للخوف ، وأفهم السياق وإن كان شرطاً أن الانتقام منهم أمر لا بد منه ، وأنه لا قدرة لأحد على ضرهم ولا نفعهم إلا الله ، سبب عنه قوله : ( فاستمسك ) أي أطلب وأوجد بجد عظيم على كل حال الإمساك ) بالذي أوحي إليك ( من حين نبوتك وإلى الآن في الانتقام منهم وفي غيره .
ولما كان المقام لكثرة المخالف محتاجاً إلى تأكيد يطيب خواطر الأتباع ويحملهم على حسن الابتاع ، علل ذلك بقوله : ( إنك على صراط ) أي طريق واسع واضح جداً : ( مستقيم ( موصول إلى المقصود لا يصح أصلاً أن يلحقه شيء من عوج ، فإذا فعلت ذلك لم يضرك شيء من نقمتهم .
ولما أثبت حسنه في نفسه المتقضي للزومه ، عطف عليه نفعه لهم .
وأكد لإنكارهم فقال : ( وإنه ) أي الذي أوحى إليك في الدنيا ) لذكر ) أي شرف عظيم جداً وموعظة وبيان ، عبر عن الشرف بالذكر للتنبيه على أن سببه الإقبال على الذكر وعلى ما بينه وشرعه والاستمساك به والاعتناء بشأنه : ( لك ولقومك ( قريش خصوصاً والعرب عموماً وسائر من اتبعك ولو كان من غيرهم من جهة نزوله على واحد منهم وبلسانهم ، فكان سائر الناس تبعاً لهم ومن جهة إيراثه الطريقة الحسنى والعلوم الزاكية الواسعة وتأثيره الظهور على جميع الطوائف والإمامة لقريش بالخصوص كما قال ( صلى الله عليه وسلم ) : ( لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي في الناس اثنان ما أقاموا الدين ) فمن أقام هذا الدين كان شريفاً مذكوراً في ملكوت السماوات والأرض ، قال ابن الجوزي : وقد روى الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كان إذا سئل : لمن هذا الأمر ، من بعدك ، لم يخبر بشيء حتى نزلت هذه الآية ، فكان بعد ذلك إذا سئل قال : لقريش - وهذا يدل على أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فهم من هذا أنه يلي على المسلمين بحكم النبوة وشرف القرآن ، وأن قومه يخلفونه من بعده في الولاية بشرف القرآن الذي أنزل على رجل منهم - انتهى .
ولما كان التقدير : فسوف تشرفون على سائر الملوك وتعلمون ، عطف عليه قوله :

الصفحة 31