كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)
صفحة رقم 40
فانظر كيف كانت عاقبة الظالمين ( ) 7
[ القصص : 40 ]
77 ( ) وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون ( ) 7
77 ( ) وأبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين ( ) 7
وقوله تعالى
77 ( ) كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد ( ) 7
إلى أن قال
77 ( ) إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب ( ) 7
[ ص : 14 ] غير ذلك من محكم الآيات وصريح الدلالات البينات ، وكذا غير فرعون وقومه من الصالحين والطالحين جعلهم سبحانه سلفاً ومثلاً للآخرين ، فمن أراد به خيراً يسر له مثل خير الحتذى به ، ومن أراد به شراً أضله بمثل سوء الأشياء به ، فقد جعل الله عيسى عليه الصلاة والسلام مثلاً لتمام قدرته على اختراع الاشياء بأسباب وبغير أسباب ، وكان أعبد أهل زمانه وأعلمهم وأزهدهم وأقربهم إلى الخير وأبعدهم عن الشر ، فاقتدى به من أراد الله به الخير في مثل ذلك فاهتدى به ، وضل به آخرون وضربوا به لأنفسهم أمثال الآلهة ، وصاروا يفرحون بما لا يا رضاه عاقل ولا يراه ، وضربه قومك مثلاً لآلهتهم لما أخبرنا أنهم معهم حصب جهنم وسروا بذلك وطربوا وظنوا أنهم فازوا وغلبوا : ( ولما ضرب ابن مريم ) أي ضربه ضارب منهم مثلاً لآلهتهم ) إذا قومك ) أي الذين أعطيناهم قدرة على القيام بما يحاولونه ) منه ) أي ذلك المثل يصدون أي يضجون ويعلون أصواتهم سروراً بأنهم ظفروا على زعمهم بتناقض ، فيعرضون به عن إجابة دعائك ، يقال : صد عنه صدوداً : أعرض ، وصد يصد ويصل : ضج - قاله في القاموس ، فلذلك قال ابن الجوزي : معناهما جميعاً - أي قراءة ضم الصاد وقراءة كسرها - يضجون ، ويجوز أن يكون معنى المضمومة : يعرضون ، قال ابن برجان : والكسر أعلى القراءتين - انتهى .
وذلك أن قريشاً قالوا كما مضى في الأنبياء ) إنا وما نعبد في جهنم ( مقتض أن يكون عيسى كذلك ، وأن نستوي نحند وآلهتنا به ، فإنه مما عبد ونحن راضون بمساواته لنا - إلى آخر ما قالوا وما رد عليهم سبحانه به من الآية من العام الذي أريد به الخصوص كما هو مقتضى كلامهم ولسانهم في أن الأصل في ( ما ) لما لا يعقل ، وذلك هو المراد من قوله تعالى حاكياً عنهم : ( وقالوا آلهتنا ( التي نعبدها من الأصنام والملائكة ) خير أم هو ) أي عيسى فنحن راضون بأن نكون معه .
ولما اشتد التشوف إلى جوابهم ، وكان قد تقدم الجواب عنه في الأنبياء ، قدم عليه هنا أن مرادهم بذلك إنما هو المماحكة والمماحلة والمراوغة والمقاتلة فقال تعالى : ( ما ضربوه ) أي ما ضرب الكفار : ابن الزبعري حقيقة وغيره من قومك مجازاً ، المثل لآلهتهم بعيسى عليه الصلاة والسلام ) لك إلا جدلاً ) أي لإرادة أن يقتلوك عن دعوتك مغالطة وهم عالمون بأن ما ألزموك به غير لازم ولم يعتقدوا لزومه قط لأن الكلام ما كان