كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)

صفحة رقم 45
ولما أمرهم بطاعته ، علل ذلك بما أزال تهمته ما يطاع فيه ، فقال مؤكداً لما في أعمالهم من المجاملة المؤذنة بالتكذيب : ( إن الله ) أي الذي اختص بالجلال والجمال ، فكان أهلاً لأن يتقى ) هو ) أي وحده ) ربي وربكم ( نحن في العبودية بإحسانه إلينا وسيادته لنا على حد سواء ، فلولا أنه أرسلني لما خصني عنكم بهذه الآيات البينات ) فاعبدوه ( بما آمركم به لأنه صدقني في أمركم باتباع ما ظهر على يدي فصار هو الآمر لا أنا ولما كان دعاؤه إلى الله بما لا حظ له عليه الصلاة والسلام فيه دل قطعياً على صدقه ولا سيما وقد اقترن بالمعجزات مع كونه في نفسه في غاية الخفية لا يستطاع بعضه بوجه ، أشار إلى ذلك كله على وجه الاستنتاج مما مضى مرغباً فيه دالاً على اقتضائه الطاعة ) هذا ) أي الأمر العظيم الذي دعوتكم إليه ) صراط أي طريق واسع جداً وضاح ) مسقتيم ( لا عوج له .
ذكر ما يدل على أنه أتبى بالحكمة من الإنجيل
: قال متى أحد مترجميه الأربعة وقد خلطت تراجمهم وأغلب السياق لمتى : فلما خرج يسوع وجاء إلى نواحي صور وصيدا إذا بامرأة كنعانية - وقال مرقس : يونانية - خرجت من تلك التخوم تصيح وتقول : ارحمني يا رب يا ابن داود ابنتي بها شيطان رديء ، فمل يجبها بكلمة ، فجاء تلاميذه وسألوه قائلين : اصرف هذه المرأة لأنها تصيح خلفنا ، أجاب وقال لهم : لم أرسل إلا إلى الخراف من بيت إسرائيل ، فأتت وسجدت له قائلة : يا رب أعني فأجاب : ليس هو جيداً أن يؤخذ خبز البنين فيعطى للكلاب ، فقالت : نعم يا رب ، والكلاب تأكل من الفتات الذي يسقط من موائد أربابها ، حينئذ أجاب يسوع وقال لها : يا امرأة عظيمة أمنتك يكون لك كما أردت ، فبرئت ابنتها منه تلك الساعة ، وقال مرقس : فقال لها من أجل هذه الكلمة اذهبي ، قد خرج الشيطان من ابنتك ، فهذبت إلى ابنتها فوجدت الصبية على السرير والشيطان قد خرج منها ، فجاؤوا إليه بأخرس أصم فطلبوا إليه أن يضع يده عليه ، فأخرجوه وحده من الشعب ، وترك أصابعه في أذنيه ، وتفل ثم مس لسانه ونظر إلى السماء وشهد وقال : الفاثاً الذي هو التفتح ، وللوقت انفتح سمعه وسمع ، وانحل رباط لسانه وتكلم مستوياً ، ووصاهم أن لا يقولوا لأحد شيئاً فأتاهم فكانوا ينكرون كثيراً ويبهتون جداً ، قائلين : ما أحسن كل شيء يصنع الخرس يتكلمون والصم يسمعون ، وقال مرقس : ثم جاء إلى بيت صيدا فقدموا إليه أعمى ، وطلبوا منه أن يلمسه ، فأخذ بيد الأعمى ثم أخرجه خارجاً من القرية ، وتفل

الصفحة 45