كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)

صفحة رقم 518
عوف في قباء بينهما وبين القرية التي كان رسول الله نازلاً بها نحو ميلين ، فمشى الكل مشياً ولم يركب إلا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ولم يقاتلوا بها قتالاً بعد ، فلذلك جعلها الله فيئاً ولم يجعلها غنيمة ، فهي تقسم قسمة الفيء ، لا قسمة الغنيمة ، فخمسها لأهل خمسة الغنيمة وهم الأصناف الخمسة المذكورون في الآية التي بعدها ، وما فضل فهو الأربعة الأخماس له ( صلى الله عليه وسلم ) مضمومة إلى ما حازه من خمس الخمس .
ولما كان معنى هذا : فما كان التسليط بكم ، استدرك بقوله : ( ولكن الله ) أي الذي له العز كله فلا كفوء له ) يسلط رسله ) أي له هذه السنة في كل زمن ) على من يشاء ( بجعل ما آتاهم سبحانه من الهيبة رعباً في قلوب أعدائه ، فهو الذي سلط رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) على هؤلاء بأن ألقى في روعه الشريف أن يذهب إليهم فيسألهم الإعانة في دية العامريين اللذين قتلهمنا عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه خطأ ، فلما جلس رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى جانب بيت من بيوتهم ، وكانوا موادعين له ( صلى الله عليه وسلم ) نقضوا عهدهم خفية مكراً منهم بعد أن رحبوا به ووعدوه الإعانة وأمروا أحدهم أن يرمي عليه من فوق السطح صخرة لتقتله ، فأعلمه الله بهذا فذهب وترك أصحابه هناك حتى لحقوا به ، وهذا بعد ما كان حيي فعل من قدومه مكة وندبه لقريش إلى حرب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ومعاقدته لهم على أن يكون معهم عليه عليه الصلاة والسلام ، وإعلام الله بذلك لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فأرسل إليهم بعد ما أصبح أنكم قد خنتم الله ورسوله ، فأردتم أن تفعلوا كذا ، وأن الأرض لله ورسوله ، فاخرجوا منها وقد أجلتكم عشراً ، فمكثوا على ذلك أياماً يتجهزون ودس إليه ابن أبي ومن معه من المنافقين أنهم معهم في الشدة والرخاء لا يسلمونهم ، وقال ابن أبي : معي ألفان من قومي وغيرهم نم العرب يدخلون حصنكم فيموتون من عند آخرهم ، وتمدكم قريظة وحلفاؤكم من غطفان فطمع حيي بن أخطب في ذلك فأرسل إنا لا نخرج من ديارنا فاصنع ما بدا لك ، فقصدهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في المؤمنين يحمل رايته على بن أبي طالب رضي الله عنه فصلى العصر بفنائهم بعد أن استعمل على المدينة ابن أم مكتوم رضي الله عنه وأقم عليهم ست ليال وهم متحصنون ، فقطع من نخلهم وحرق فنادوه أن قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه فما بالك تقطع النخل ، وتربصوا نصر ابن أبي ومن معه على ما قالوا فلم يفوا لهم ، فألقى الله الرعب في قلوبهم فأرسلوا بالأجابة ، فقال : لا إلا أن يكون لي سلاحكم وما لم تقدروا على حمله على إبلكم من أموالكم ، فتوقفوا ثم أجابوا حملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل إلا الحلقة ، وذهبوا على ستمائة بعير ، وأظهروا الحلي والحلل وأبدى نساؤهم زينتهن فلحق بعضهم بخيبر وبعضهم بالشام وخلوا الأموال والحلقة لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ولم يسلم منهم إلا

الصفحة 518