كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)

صفحة رقم 519
رجلان يامين بن عمرو وأبو سعد بن وهب ، أسلما على أموالهما فأحرزاها فجعل الله أموال من لم يسلم منهم فيئاً لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) خاصة به يضعها حيث يشاء كما روي ذلك في الصحيح عن عمر ري الله عنه في قصة مخاصمة علي والعباس رضي الله عنهما ، وفيه أنه من خصائصه ( صلى الله عليه وسلم ) فإنه قال : إن الله قد خص رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحداً غيره ، ثم قرأ ) ما أفاء الله على رسوله منهم ( إلى قوله تعالى : ( قدير ( فكانت خالصة لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) والله ما احتازها دونكم ولا استأثر بها عليكم قد أعطاكموها وبثها فيكم حتى بقي منها هذا المال - يعني الذي وقع خصامهما فيه ، فكان ينفق رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل ما لله ، وفي الصحيح أيضاً عن مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر رضي الله عنه قال : كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) ما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب ، فكانت لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) خاصة ينفق على أهله منها نفقة سنة ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع عدة في سبيل الله - انتهى ، وقد قسم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أموالهم بعد ما تركه لنفسه بين المهاجرين ، لم يعط الأنصار منه شيئاً إلا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة شديدة : أبو دجانة سماك بن خرشة وسهل بن حنيف والحارث بن الصمة رضي الله عنهم ، وكان لسيف ابن أبي الحقيق عندهم ذكر فنفله سعد بن معاذ رضي الله عنه وقال الأصبهاني : إن الفيء كان يقسم على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على خمسة وعشرين سهماً أربعة أخماسها وهي عشرون سهماً لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يفعل بها ما يشاء ويحكم فيها ما أراد ، والخمس الباقي على ما يقسم عليه خمس الغنيمة - يعني على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وذوي القربى ومن بعدهم ، هكذا كان عمله ( صلى الله عليه وسلم ) في صفاياه ، فملا توفي كانت إلى إمام المسلمين وكذا جميع ما ترك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لأنه قال : ( لا نورث ، ما تركناه صدقة ) .
فولي ذلك أبو بكر رضي الله عنه ثم عمر رضي الله عنه ، فكانا يفعلان فيها ما فعله رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : وقال الأصبهاني رضي الله عنه أيضاً عن مالك بن أوس بن الحدثان رضي الله عنه : قرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه
77 ( ) إنما الصدقات للفقراء ( ) 7
[ التوبة : 60 ] حتى بلغ ) عليم حكيم ( ثم قال : هذه لهؤلاء ثم قرأ
77 ( ) واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه ( ) 7
[ الأنفال : 41 ] ثم قال هذه لهؤلاء ، ثم قرأ
77 ( ) ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى ( ) 7
[ الحشر : 7 ] حتى بلغ
77 ( ) الفقراء المهاجرين والذين تبوءوا الدار والإيمان والذين جاؤوا من بعدهم ( ) 7
[ الحشر : 7 ] ثم قال : استوعبت هذه المسلمين عامة فليس أحد إلا له فيها حق ، ثم قال : لئن عشت ليأتين الراعي نصيبه منه لم يعرف جبينه فيه - انتهى .

الصفحة 519