كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)

صفحة رقم 521
يكون بعد بني النضير : ( ما أفاء الله ) أي الذي اختص بالعزة والحكمة والقدرة ) على رسوله ( ولما كان سبحانه محيط العلم بأنه يسلط على أهل وادي القرى وغيرهم أعظم من هذا التسليط ، قال ليكون علماً من أعلام النبوة : ( من أهل القرى ) أي قرية بني النضير وغيرها من وادي القرى والصفراء وينبع وما هنالك من قرى العرب التي تسمى قرى عربية ) فالله ) أي الملك الأعلى الذي الأمر كله بيده ) وللرسول ( لأنه أعظم خلقه ، فرتبته تلي رتبته ، وهذان يتراءى أنهما قسمان وليس كذلك ، هما قسم واحد ، ولكنه ذكر سبحانه نفسه المقس تبركاً ، فإن كل أمر لا يبدأ به فهو أجذم ، وتعظيماً لرسوله ( صلى الله عليه وسلم ) إعلاماً بأنه لا هوى له أصلاً في شيء من الدنيا ، وإنما رضاه رضا مولاه ، خلقه القرآن الذي هو صفة الله فهو مظهره ومجلاه ، وسهمه ( صلى الله عليه وسلم ) يصرف بعده لمصالح المسلمين كالسلاح والثغور والعلماء والقضاة والأئمة .
ولما أبان هذا الكلام لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من الفضل والعظمة ما لا يدخل تحت الوصف ، أتبعه تعظيماً آخر بتعظيم أقاربه لأجله ، ولذلك أعاد العامل فقال : ( ولذي القربى ) أي منهم لأن رتبتهم من بعد رتبته وهم بنو هاشم وبنو المطلب رهط إمامنا الشافعي رضي الله عنه سواء فيه غنيهم وفقيرهم ، لأن أخذهم لذلك بالقرابة لا بالحاجة كما هو مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه .
ولما ذكر أهل الشرف ، أتبعه أهل الضعف جبراً لوهنهم فقال مقدماً أضعفهم : ( واليتامى ) أي الذين هم أحق الناس بالعطف لأن مبنى الدين على التخلق بأخلاق الله التي من أجلّها تقوية الضعيف وجبر الكسير ) والمساكين ( فإنهم في الضعف على أثرهم ودخل فيهم الفقراء فإنه إذا انفرد لفظ الفقير أو المساكين دخل كل منهما في الآخر ، وإنما يفرق إذا جمع بينهما ، وكذا الفيء والغنيمة إذا أفردا جاز أن يدخل كل في الآخر ، وإذا جمعا فالفيء ما حصل بغير قتال وإيجاد خيل وركاب ، والغنيمة ما حصل بذلك ) وابن السبيل ( وهم الغرباء لانقطاعهم عن أوطانهم وعشائرهم ، وقسمة الفيء على هذه الأصناف كما مضى أن يقسم خمسة أقسام : خمس منها لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ومن ذكر معه من المخلوقين وذكر الله فيهم للتبرك ، لأن الأصناف المذكورة هي التي يعبر عنها باسمه سبحانه ، والأربعة الأخماس خاصة له ( صلى الله عليه وسلم ) ينفق منها نفقة سنة وما فضل عنه أنفقه في مصالح المسلمين السلاح والكراع ونحوه ، وما كان له ( صلى الله عليه وسلم ) في حياته فهو للمصالح بعد وفاته ، كما كان يفعل بعد ما يفضل عن حاجته ، قال الشافعي رضي الله عنه في الأم : وما أخذ من مشرك بوجه من الوجوه غير ضيافة من مر بهم من المسلمين فهو على وجهين لا يخرج منهما ، كلاهما مبين في كتاب الله تعالى وعلى سنة رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) وفي فعله فأحدهما الغنيمة ، قال الله تعالى في

الصفحة 521