كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)

صفحة رقم 527
ولما كان النظر إلى التطهير من سفساف الأخلاق عظيماً ، سبب عنه إفهاماً لأنه لا يحصل ما سببه عنه بدونه قوله ) فأولئك ( : أي العالو المنزلة ) هم ) أي خاصة لا غيرهم ) المفلحون ) أي الكاملون في الفوز بكل مراد ، قال القشيري : وتجرد القلب من الأعراض والأملاك صفة السادة والأكابر ، ومن أسرته الأخطار وبقي في شح نفسه فهو في مصارفه معاملته ومطالبة الناس في استيفاء حظه ، فليس له من مذاقات هذه الطريقة شيء .
وشرح الآية أن الأنصار كانوا لما قدم عليهم المهاجرون قسموا دورهم وأموالهم بينهم وبينهم ، فلما أفاء الله على رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) أموال بني النضير خطب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فذكر ما صنعوا بالمهاجرين من إنزالهم إياهم وأثرتهم على أنفسهم ، ثم قال ( إن أحببتم قسمت بينكم وبين المهاجرين ما أفاء الله عليّ من بني النضير ) ، وكان المهاجرون على ما هم عليه من السكنى في منازلكم وأموالكم ، وإن أحببتم أعطتيهم وخرجوا من دياركم ، فقال السعداء رضي الله عنهما : بل يقسم بين المهاجرين خاصة ويكونون في دورنا كما كانوا ، وقالت الأصنار : رضينا وسلمنا ، وفي رواية أنهم قالوا : اقسم فيها هذه خاصة واقسم لهم من أموالنا ما شئت ، فنزلت ) ويؤثرون على أنفسهم ( - الآية ، وقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ( اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار ، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : جزاكم الله خيراً يا معشر الأنصار ) ، فوالله ما مثلنا ومثلكم إلا كما قال العنزي :
جزى الله عنا جعفراً حين أزلقت بنا نعلنا في الواطئين فزلتأبوا أن يملونا ولو أنا منا تلاقي الذي يلقون منا لملت
فهم لعمري الحقيقون باسم إخوان الصفاء ، وخلان المروءة والوفاء ، والكرامة والاصطفاء ، ورضي الله عنهم وعن تابعيهم من الكرام الخلفاء والسادة والحنفاء .
الحشر : ( 10 ) والذين جاؤوا من. .. . .
) وَالَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ( ( )
ولما أثنى الله سبحانه وتعالى على المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم بما هم أهله ، التابعين لهم بإحسان مايوجب لهم الثناء فقال عاطفاً على المهادرين فيقتضي التشريك معهم ، أو على أصل القصة من عطف الجمل : ( والذين جاؤوا ) أي من أي طائفة كانوا ، ولما كان المراد المجيء ولو في زمن يسير ، أثبت الجار فقال : ( من بعدهم ) أي بعد المهاجرين والأنصار وهم من آمن بعد انقطاع الهجرة بالفتح وبعد إيمان

الصفحة 527