كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)

صفحة رقم 539
( إن الله لا ينزع العلم انتزاعاً بعد أن أعطاكموه )
77 ( ) وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ ( ) 7
[ هود : 108 ] فلذلك لا رحيم بالحقيقة إلا الله تحقيق علم كما أنه لا رحمان إلا الله بادي معنى .
ولما كان الملك كمال استيلاء على الخلق يقصرهم به ملكهم على بعض مستطاعهم ويدينهم - على حسب دينهم أي ما وضع لهم من عادة قصره لهم وحكمة عليهم وبحسب إحصائه عليهم دقيق أعمالهم وإحاطته بخفي أحوالهم والاطلاع على سرائرهم بتحقيق استيفاء الجزاء فيتحقق بذلك كمال الملك ، فكان لذلك لا تتحقق حقيقة الملك فيمن هو دون العلم بالسر وأخفى ، والمحصي الحسيب لمثاقيل الدر ، الخبير بخبأ الكون ، فكان لا ملك في الحقيقة إلا الله ، ولكنه تعالى لما كان قد أولى الخلق من رفعه بعضهم فوق بعض ما أجرى عليهم اسم الملك فتنة لهم فضل بسبب ذلك قوم ادعوا الملك الحقيقي ، فغلط من أراد الله من الخلق فيهم فضلوا بهم ، أعاد التهليل مع اسمه الملك كما ابتدأ مع اسمه الإله أول أسماء الله ، ولذلك أيضاً قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه الشيخان وأبو داود والترمذى في حديث الذي يسمى ملك الملوك في رواية المسلم : ( لا ملك إلا الله ) ، فقال مصرحاً بما في باطن اسمي الرحمة من القهر والجبر على النسق الأول في البناء على الضمير تأكيد لتعين المحدث عنه وتوحيده : ( هو الله ) أي الذي لا يقدر على تعميم الرحمة لمن أراد وتخصيصها بمن شاء ) الذي لا إله ) أي معبود بحق ) إلا هو الملك ( فلا ملك في الحقيقة إلا هو لأنه لا يحتاج إلى شيء ، فإنه مهما أراد كان .
ولما كان الملك أصل ما لحق الخلق من الآفات لأنه رأس الشرف الذي هو باب الترف الملازم لمخالفة كتاب الله أما في الأعمال فيكون فتنة ، وأما في الرأي فيكون علواً وكبراً وكفراً ، فإن أمر الله في آدم على ماهو نبوة ثم ينزل فيصير خلافة ثم ينتهي نزوله فيكون ملكاً ثم تتداعى الأحداث ، فلمكان تداعي الملك لموجبات الذم قال عقب صفات الملك : ( القدوس ( مصرحاً بما لزم عن تمام ملكه من أنه بليغ في النزاهة عن كل وصم يدركه حسن أو يتصوره خيال أو يسبق إليه وهم أيو يختلج به ضمير ، فإن القدس طهر لا يقبل التغير ولا يلحقه رجس فلا يزال على وصف الحمد بثبات القدس ، ولمكان ما حوّل سبحانه الخلق من حال طهر لا يظهر فيه تغير بما دونه أجرى عليهم

الصفحة 539