كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)

صفحة رقم 545
على ما يمتنع منه نظراً له ، ففي ظاهره الجهد وفي باطنه الرفق ، وفي عاجله الكره ، وفي آجله الرضى والروح ، فموقعه في الأبدان المداواة ( تداووا عباد الله فإن الذي أنزل الداء أنزل الدواء ) ، وموقعه ف الأديان التزام الأحكام والصبر والمصابرة على مجاهدة الأعمال وجهاد الأعداء ظاهراً من عدو الدين والبغي وباطناً من عدو النفس ( أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك ) ومن بعض الأهل والولد عدو ، والشيطانعدو يجري من ابن آدم مجرى الدم
77 ( ) أن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً ( ) 7
[ فاطر : 6 ] فالحمل على جميع أنواع الصبر والمصابرة ظاهراً بالإيالة العالية هو الحكم والعلم بالأمر الذي لأجله وجب الحكم من قوام أمر عاجلته وحسن العقبى في آجلته من الحكمة ، فالحكم مباح التعليم للناس عامة بل واجب أن يتعلم كل امرئ من الأحكام ما يخصه ، وأن ينتدب طائفة لعلم ما يعم جميع الناس
77 ( ) فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ( ) 7
) التوبة : 122 ] والحكمة التي هي العلم بما لأجله وجب الحكم من مشروطه التعليم بالتزكية
77 ( ) هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ( ) 7
[ الجمعة : 2 ] فما يعلمهم الحكمة إلا بعد التزكية فمن تزكى فهو من أهلها ومن يترك فليس من أهلها ، فالحكمة تحلي مرارة جهد العمل بالأحكام فييسر بها ما يعسر دونها ، والحكم ضيق الأمر للنفس كما أن السجن ضيق الخلق للبدن ، والحكمة تود محمل ضيق الحكم لأنها تخرج وتؤول إلى سعة الواسع ، ولا يتم الحكم وتستوي الحكمة غلا بحسب سعة العلم .
ولما لم يكن للخلق من العلم إلا بقدر ما يهبهم الله لم يكن لهم من الحكمة إلا مقدار ما يورثهم
77 ( ) ولقد آتينا لقمان الحكمة ( ) 7
[ لقمان : 12 ] ولما كان إنما العلم عند الله كان إنما الحكمة حكمة الله وإنما الحكم حكم الله ، فهو الحكيم الذي لا حكيم إلا هو - انتهى .
وقد علم سر اتبع الأسماء الشريفة من غير عطف ، وذاك أنه لما ابتدأ ب ( هو ) وأخبر عنه بالاسم العلم الأعظم المفرد المصون الجامع لجميع معاني الأسماء الحسنى ، أتبعه تلك الأوصاف العلى من غير عطف إعلاماً بأنه لا شيء منها يؤدي جميع معناه بالمفهوم المتعارف عند أهل اللغة ، ولذلك جمع بعدها الأسماء إشارة إلى أنه لا يجمع معناه إلا جميع الأوصاف المنزلة في كتبه والمأخذوة عن أوليائه التي استأثر بها في غيبه وليس شيء مما ذكر ههنا مضاداً في المعنى الظاهري للآخر كالأول والآخر حتى يظن لأجله

الصفحة 545