كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)

صفحة رقم 547
سورة الممتحنة
مقصودها براءة من أقر بالإيمان ممن اتسم بالعدوان دلالة على صحة مدعاه كما أن الكفار تبرؤوا من المؤمنين وكذبوا بما جاءهم من الحق لئلا يكونوا على باطلهم أحرص من المؤمنين على حقهم ، وتسميتها بالممتحنة أوضح شيء فيها وأدله على ذلك لأن الصهر أعظم الوصل وأشرفها بعد الدين ، فإذا نفى ومنع دل على أعظم المقاطعة لدلالته على الامتهان بسبب الكفران الذي هو أقبح العصيان ) بسم الله ( الكافي من لجأ إليه فمن تولاه أغناه عمن سواه ) الرحمن ( الذي عم بنعمة الإيجاد من فلق عن وجوده العدم وبراه وشمل ، برحمته البيان من حاطه بالعقل ورعاه ) الرحيم ( الذي خص بالتوفيق من أحبه وارتضاه .
الممتحنة : ( 1 ) يا أيها الذين. .. . .
) يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُمْ مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَآءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَاْ أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَآ أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السَّبِيلِ ( ( )
ولما كان التأديب عقب الإنعام جديراً بالقبول ، وكان قد أجرى سبحانه سنته الإلهية بذلك ، فأدب عباده المؤمنين عقب سورة الفتح السببي بسرة الحجرات ، وكانت سورة الحشر مذكرة بالنعمة في فتح بني النضير ومعلمة بأنه لا ولي إلا الله ، ولذلك ختمها بصفتي العزة والحكمة بعد أن افتتحها بهما ، وثبت أن من حكمة حشر الخلق ، وأن أولياء الله هم المفلحون ، وأن أعادءه هم الخاسرون ، وكان الحب في الله والبغض في الله أفضل الأعمال وأوثق عرى الإيمان ، ولذلك ذم سبحانه من والى أعداءه وناصرهم ، وسماهم مع التكلم بكلمة الإسلام منافقين ، أنتج ذلك قطعاً وجوب البراءة من أعدائه والإقبال على خدمته وولائه ، فقال معيداً للتأديب عقب سورة الفتح على أهل

الصفحة 547