كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)

صفحة رقم 562
قول الشافعي رحمه الله تعالى : هل كان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) شرط لقريش في الصلح رد النساء ففي قول : لم يشترطه بل أطلق رد من جاءه فتوهموا تناول النساء ، وكان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عالماً بعدم دخولهن ، فأطلق ذلك حذيفة يعني ومن شرعه ان الحرب خدعة ، وفي قوله : شملهن الشرط ، لكن هل شرطه صريحاً أم دخلن في الإطلاق فيهن وجهان أظهرهما الثاني ، وهل كان شرطهن جائزاً فيه وجهان : أحدهما نعم ثم نسخ ، وهل ناسخه الآية المذكورة أم منع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من الرد فيه وجهان مبنيان على أنه هل يجوز نسخ السنة بالقرآن وفيه قولان للشافعي رحمه الله تعالى ، ومختاره منهما المنع وهو الجديد ، وكذا لا يجوز عنده وعند أصحابه نسخ الكتبا بالسنة وإن كانت متواترة - انتهى .
ومعناه أنه لم يقع فإن وقع نسخها بالقرآن كان معه سنة ، وإن وقع نسخه بالسنة كان معها قرآن ، وهو معنى قول ابن السبكي في جمع الجوامع : قال الشافعي رضي الله عنه : وحيث وقع بالسنة فمعها قرآن أو بالقرآن فمعه سنة عاضدة تبين توافق الكتاب والسنة .
ولما كان الاختبار ربما دل إيمانهن لا يعلم إلا به ، نفى ذلك بقوله مستأنفاً في جواب من يقول : أليس الله بعالم بذلك ، ومفيداً أن علمكم الذي تصلون إليه بالامتحان ليس بعلم ، وإنما سماه به إيذاناً بأن الظن الغالب في حقكم بالاجتهاد والقياس قائم مقام العلم يخرج من عنده
77 ( ) ولا تقف ما ليس لك به علم ( ) 7
[ الإسراء : 36 ] : ( الله ( المحيط بكل شيء قدرة وعلماً ) أعلم ) أي منكم ومنهن بأنفسهن ) بإيمانهن ( هل هو كائن أو لا على وجه الرسوخ أو لا ، فإنه محيط بما غاب كإحاطته بما شهد ، وإنما وكل الأمر إليكم في ذلك ستراً للناس ولئلا تكون شهادته لأحد بالإيمان والكفران موصلة إلى عين اليقين فيخرج عن مبنى هذه الدار ، قال القشيري : وفي الجملة الامتحان طريق إلى المعرفة ، وجواهر النفس تتبين بالتجربة ، ومن أقدم على شيء من غير تجربة يجني كأس الندم ، قال : ( فإن علمتموهن ) أي العلم المتمكن لكم وهو الظن المؤكد بالأمارات الظاهرة بالحلف وغيره ) مؤمنات ) أي مخلصات في الهجرة لأجل الإيمان ، والتعبير بذلك لإيذان بمزيد الاحتياط .
ولما ذكر هذا الامتحان بين أنه علة لحمايتهن والدفع عنهن فأتبعه مسببه فقال : ( فلا ترجعوهن ) أي بوجه من الوجوه ) إلى الكفار ( وإن كانوا أزواجاً ، ومن الدليل على أن هذا ظاهر في المراد وأن القرائن موضحة له أنه ( صلى الله عليه وسلم ) لما أبى أن يرد إليهم من جاءه من النساء لم يعب أحد من الكفار ذلك ، ولا نسب إلى عهده ( صلى الله عليه وسلم ) - وحاشاه - خللاً ، ولولا أن ذلك لملؤوا الأرض تشغيباً كما فعلوا في سرية عبد الله بن جحش رضي الله عنه إلى نخله التي نزل بسببها
77 ( ) يسألونك عن الشهر الحرام ( ) 7
[ البقرة :

الصفحة 562