كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)

صفحة رقم 568
وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قتل يوم بدر فضحك عمر رضي الله عنه حتى استلقى وتبسم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وذكر البهتان وهو أن تقذف ولداً على زوجها ليس منه ، قالت هند : والله إن البهتان لقبيح وما تدعونا إلا إلى الرشد ومكارم الأخلاق ، فقال ) ولا يعصينك في معروف ( فقالت : ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء ، وما مست يد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يد امرأة لا تحل له ، وكانت أسماء بنت يزيد بن السكن في المبايعات فقالت : يا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ابسط يدك نبايعك ، فقال : ( إني لا أصافح النساء لكن آخذ عليهن ) ، وعن الشعبي أنه ( صلى الله عليه وسلم ) دعا بقدح من ماء فغمس يده فيه ثم غمسن أيديهن فيه ، وعنه أنه ( صلى الله عليه وسلم ) لقنهن في المبايعة ( فيما استطعتن وأطقتن ) فقالت : الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا .
ولما ذكر ما أمر به نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) في المبايعات بعد أن عد الذين آمنوا أصلاً في امتحان المهاجرات فعلم نم لك أن تولي النساء مع أنه لا ضرر فيهن بقتال ونحوه لا يسوغ إلا بعد العلم بإيمانهن ، وكان الختم بضفتي الغفران والرحمن مما جرأه على محاباة المؤمنين لعبض الكفار من أزواج أو غيرهم لقرابة أو غيرها لعلة يبديها الزوج أو غير لك من الأمور ، كرر سبحانه الأمر بالبراءة من كل عدو ، رداً لآخر السورة على أولها تأكيداً للإعراض عنهم وتنفيراً من توليهم كما أفهمته آية المبايعة وآية الامتحان ، فقال ملذذاً لهم بالإقبال بالخطاب كما فعل أولها بلذيذ العتاب : ( يا أيها الذين آمنوا ( .
ولما كان الميل عن الطريق الأقوام على خلاف ما تامر به الفطرة الأولى فلا يكون إلا عن معالجتها ، عبر بالتفعل كما عبر به أول السورة بالافتعال فقال : ( لا تتولوا ) أي تعالجوا أنفسكم أن تتولوا ) قوماً ) أي ناساً لهم قوة على ما يحاولونه فغيرهم من باب الأولى ) غضب الله ) أي أوقع الملك الأعلى الغضب ) عليهم ( لإقبالهم على ما أحاط بهم من الخطايا فهو عام في كل من اتصف بذلك يتناول اليهود تناولاً أولياً .
ولما كان السامع لهذا يتوقع بيان سبب الغضب ، قال معللاً ومبيناً أنه لا خير فيهم يرجى وإن ظهر خلاف ذلك : ( قد يئسوا ) أي تحققوا عدم الرجاء ) من الآخرة ) أي من أن ينالهم منها خير ما لإحاطة معاصيهم بهم أو لعدم اعتقادهم لقيامها ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ، فيوشك من والهم يكتب منهم فيحل بهم الغضب ) كما

الصفحة 568