كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)

صفحة رقم 57
الزخرف : ( 84 - 89 ) وهو الذي في. .. . .
) وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمآءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَلاَ يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ وَقِيلِهِ يرَبِّ إِنَّ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ( ( )
ولما نزهه سبحانه عن الولد ودل على ذلك بأنه مالك كل شيء وملكه ، وكان ذلك غير ملازم للألوهية ، دل على أنه مع ذلك هو الإله لا غيره في الكونين بدليل بديهي يشترك في علمه الناس كلهم ، وقدم السماء ليكون أصلاً في ذلك يتبع لأن الأرض تبع لها في غالب الأمور ، فقال دالاً على أن نسبة الوجود كله إليه على حد سواء لأنه منزه عن الاحتياج إلى مكان أو زمان عاطفاً على ما تقديره : تنزه عما نسبوه إليه الذي هو معنى ) سبحان ( : ( وهو الذي ( هو ) في السماء إله ) أي معبود لا يشرك به شيء ) وفي الأرض إله ( توجه الرغباب إليه في جميع الأحوال ، ويخلص له في جميع أوقات الأضطرار ، فقد وقع الإجماع من جميع من في السماء والأرض على إلهيته فثبت استحقاقه لهذا الرتبة وثبت اختصاصه باستحقاقها في الشدائد فباقي الأوقات كذلك من غير فرق لأنه لا مشارك له في مثل هذا الاستحقاق ، فعبادة غير باطلة ، قال في القاموس : أله - أي بالفتح - إلاهة وألوهة وألوهية : عبد عبادة ، ومنه : لفظ الجلالة - وأصله : إله بمعنى معبود وكل ما اتخذ معبوداً فهو إله عند متخذه ، وأله كفرح : تحير ، فقد علم من هذا جزاز تعلق الجار بإله .
ولما كان الإله لا يصلح للألوهية إلا إذا كان يضع الأشياء في محلها بحيث لا يتطرق إليه فساد ، ولا يضرها إفساد مفسد ، وكان لا يكون كذلك إلا بالغ العلم قال : ( وهو الحكيم ) أي البليغ الحكمة ، وهي العلم الذي لأجله وجب الحكم قال تعالى : ( العليم ) أي البالغ في علمه إلى حد لا يدخل في عقل العقلاء أكثر من وصفه به على طريق المبالغة ولو وسعوا أفكارهم وأطالوا أنظارهم لأنه ليس كمثله شيء في ذاته ولا صفة من صفاته ليقاس به ، وكل من ادعى فيه أنه شريك له لا يقدر من أشرك به أن يدعي له ما وصف به من الإجماع على ألوهيته ومن كمال علمه وحكمه ، فثبت قطعاً ببطلان الشركة بوجه يفهمه كل أحد ، فلا خلاص حينئذ إن خالف كائناً من كان ، وإذا قد صح أنه الإله وحده وأنه منزه عن شريك وولد وكل شائبة نقص كان

الصفحة 57