كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)

صفحة رقم 573
لا تفعلون ( وقال القشيري : ويقال : لم يتوعد الله على زلة بمثل ما توعد على هذا - انتهى .
وكل ما ذكروه في سببها صالح للسببية قول بعضهم لو ندري أحب الأعمال إلى الله لاجتهدنا فيه ثم ولّوا يوم أحد ، وتوانى بعضهم في الجهاد ، وكون صهيب رضي الله عنه قتل يوم بدر رجلاً آذى المسلمين وأنكى فيهم وادعى غيره أنه قتله فأعجب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال عمر وعبد الرحمن بن عوف لصهيب رضي الله عنهم : أخبر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنك قتلته ، فقال صهيب رضي الله عنه : ( إنما قتلته لله ولرسوله ، فأخبر عمر وعبد الرحمن رضي الله عنهما النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : ( أكذلك أبا يحيى ( ، فقال : نعم يا رسول الله والتزام المنافقين أحكام الإسلام ، وتخلفهم إخلافاً في الأمور العظام ، وكذا قصة حاطب رضي الله عنه .
ولما عظم ما يكرهه بعد ما ألهب به من تنزيه غير العاقل ، فكان العاقل جديراً بأن يسأل عما يحبه لينزهه به ، قال ذاكراً الغاية التي هي أم جامعة لكل ما قبلها من المحاسن ، مؤكداً لأن الخطاب مع من قصر أو هو في حكمه : ( إن الله ) أي الذي له جميع صفات الكمال ) يحب ) أي يفعل فعل المحب مع ) الذي يقاتلون ) أي يوقعون القتال ) في سبيله ) أي بسبب تسهيل طريقه الموصلة إلى رضاه إيقاعاً مظروفاً للسبيل ، واللسان ، والإنسان بالسيف والسنان ) صفاً ) أي مصطفين حتى كأنهم في اتحاد المراد على قلب واحد كما كانوا في التساوي في الاصطفاف كالبدن الواحد .
ولما كان الاصطفاف يصدق مع التقدم والتأخرر اليسير نفى ذلك بقوله حالاً بعد حال : ( كأنهم ) أي من شدة التراص والمساواة بالصدور والمناكب والثبات في المراكز ) بنيان ( وزاد في التأكيد بقوله : ( مرصوص ) أي عظيم الاتصال شديد الاستحكام كأنما رص بالرصاص فلا فرجة فيه ولا خلل ، فإن من كان هكذا كان جديراً بأن لا يخالف شيء من أفعاله شيئاً من أقواله ، فالرص إشارة إلى اتحاد القلوب والنيات في موالاة الله ومعاداة من عاداه المنتج لتسوية الصفوف في الصلاة التي هي محاربة الشيطان ، والحرب التي هي مقارعة حزبه أولى الطغيان ، والأفعال التي هي ثمرات الأبدان .

الصفحة 573