كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)

صفحة رقم 586
يكون منه خارجاً عنه ليكون خالصاً بفتح بلد الحج ليسهل الوصول إليه من كل من أراده وغير ذلك من شرائعه فتكونوا ممن يصدق فعله قوله ، وهذا المعنى لا وقفة فيه لأنه فرق بين قولنا : فلان فعل كذا - الصادق بمرة ، وبين قولنا بفعله الدال على أن فعله قد صار ديدناً له ، فالمعنى : يا من فعل الإيمان إن أردتم النجاة فكونوا عريقين في وصف الإيمان حقيقين به ثابتي الإقدام فيه وأديموا الجهاد دلالة على ذلك فإن الجهاد لما فيه من الخطر والمشقة والضرر أعظم دليل على صدق الإيمان ، ويؤيد ذلك أن السياق لقصة حاطب رضي الله عنه المفهمة في الظاهر لعدم الثبات في الإيمان وإرادة الجهاد الدال على المصدق فيه ، ولذلك قال عمر رضي الله عنه ما قال - والله الهادي .
ولما كان الجميع بين الروح وعديلها المال على وجه الرضى والرغبة أدل على صحة الإيمان ، قال : ( بأموالكم ( وقدمها لعزتها في ذلك الزمان ولأنها قوام الأنفس والأبدان ، فمن بذل ماله كله لم يبخل بنفسه لأن المال قوامها .
ولما قدم اقوم أتبعه القائم به فقال : ( وأنفسكم ( ولما أمر بهذا في صيغة الخبر اهتماماً به وتأييداً لشأنه ، أشار إلى عظمته بمدحه قبل ذكر جزائه ، فقال : ( ذلكم ) أي الأمر العظيم من الإيمان وتصديقه بالجهاد ) تعلمون ) أي إن كان يمكن أن يتجدد لكم علم في وقت من الأوقات فأنتم تعلمون أن ذلك خير لكم ، فإذا علمتم ، أنه خير أقبلتم عليه فكان لكم به أمر عظيم ، وإن كانت قلوبكم قد طمست طمساً لا رجاء لصلاحها فصلوا على أنفسكم صلاة الموت .
الصف : ( 12 - 14 ) يغفر لكم ذنوبكم. .. . .
) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّن اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنَّصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآمَنَت طَّآئِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّآئِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ ( ( )
ولما كان معنى ( تؤمنون ) : فالأمر كما تقدم ، لكنه حول عن ذلك لما ذكر ، وكان أهم ما إلى الإنسان خوفه مما هدد عليه ، أمن سبحانه من ذلك دالاً على اصل الفعل بجزم ما هو في موضع الجواب فقال : ( يغفر لكم ) أي خاصة دون من لم يفعل ذلك ) ذنوبكم ) أي بمحو أعيانها وآثارها كلها .
ولما قرع القلوب من كدر العقاب والعتاب ، لذذها بطيب الثواب فقال : ( ويدخلكم ) أي بعد التزكية بالمغفرة رحمة لكم ) جنات تجري ( ودل على قرب

الصفحة 586