كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)

صفحة رقم 589
قوله : ( فآمنت ) أي به ) طائفة ) أي ناس فيهم أهلية الاستدارة لما لهم من الكثرة ) من بني إسرائيل ) أي قومه ) وكفرت طائفة ) أي منهم ، وأصل الطائفة : القطعة من الشيء ) فأيدنا ) أي قوينا بعد رفع عيسى عليه الصلاة والسلام ) الذين آمنوا ) أي الذين أقروا بالإيمان المخلص منهم وغيره في القول والفعل وشددنا قلوبهم ) على عدوهم ( الذين عادوهم لأجل إيمانهم .
ولما كان الظفر بالمحبوب أحب ما يكون إذا كان أول النهار ، تسبب عن تأييده قوله : ( فأصبحوا ) أي صاروا بعد ما كانوا فيه من الذل ) ظاهرين ) أي عالين غالبين قاهرين في أقوالهم وأفعالهم لا يخافون أحداً إلا الله ولا يتسخفون منه ، فالتأييد تارة يكون بالعلم وتارة بالفعل
77 ( ) علمه شديد القوى ( ) 7
[ النجم : 5 ] فصار علمه في غاية الإحكام وتبعته قوة هي في منتهى التمام ، لأنه ناشىء عن علم مستفاد من قوة ، وإلا لقال : علمه كثير العلم .
77 ( ) قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ( ) 7
[ النمل : 40 ] قوة مستفادة من علم ، والظاهر كما هو ظاهر قوله تعالى :
77 ( ) جاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ( ) 7
[ آل عمران : 55 ] وغيرها أن تأييد المؤمنين به كان بعد رفعه بيسير حين ظهر الحواريون وانبثوا في البلاد يدعون إلى الله بما آتاهم من الآيات ، فاتبعهم الناس ، فملا تمادى الزمان ومات الحواريون رضي الله عنهم افترق الناس وجب إليهم الفساد ، فغلب أهل الباطل وضعف أهل الحق حتى كانوا عند بعث النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عدماً أو في حكم العدم ، - كما دلت عليه قصة سلمان الفارسي رضي الله عنه ، فقد رجع آخر السورة كما ترى بما وقع من التنزه عما يوهمه علو الكفرة من النقص بنصر أوليائه وقسر أعدائه ، ومن الأمر مما أخبر أولها أنه يحبه من القتال في سبيله حثاً عليه وتشويقاً إليه - على أولها ، واتصل بما بشر به من آمن ولو على أدنى وجوه الإيمان من العز موصلها بمفصلها ، بما أزيل من الأسباب الحاملة له على المداراة ، والأمور التي أوقعته في المماشاة مع الكفار والمجاراة ، فأوجب ذلك رسوخ الإيمان ، وحصول الإتقان ، المقتضي للتنزيه بالفعل عن كل شوب نقصان ، والله الموفق للصواب وعليه التكلان .
. .

الصفحة 589