كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)
صفحة رقم 61
الأصل إشارة إلى أن استشعر من نفسه بعداً استصغاراً لها واحتقاراً ) قوم ) أي أقوياء على الباطل ) لا يؤمنون ) أي لا يتجدد منهم هذا الفعل .
ولما كان هذا قولاً دالاً على غاية ما يكون من بلوغ الجهد ، تسبب عنه ما يسره بإيمانهم وبلوغهم الرتب العالية التي هي نتيجة ما كان مترجى لهم أول السورة ، وذلك كله ببركته ( صلى الله عليه وسلم ) في سياق ظاهره التهديد وباطنه - بالنسبة إلى علمه - البشارة بالتشديد فقال : ( فاصفح عنهم ) أي اعف عمن أعرض منهم صفحاً فلا تلتفت إليهم بغير التبليغ ) وقل ) أي لهم : ( سلام ) أي شأني الآن متاركتكم بسلامتكم مني وسلامتي منكم ) فسوف يعلمون ( بوعد لا خلف فيه ، فهذا ظاهره تهديد كبير ، وقراءة المدنيين وابن عامر بالخطاب أشد تهديداً ، وباطنه من التعبير بالصفح عنهم والسلام بشارة لأنهم يصيرون علماء فيفوقون الأمم في العلم بعد أن يفوقهم في العقل - بما أفهمه أول السورة - فيعلون الأمم في المشي على مناهيج العقل ، فللّه دره من آخر عانق الأول ، ومقطع رد إلى المطلع تنزل ، يا ناظم اللآلئ أين تذهب عن هذا البناء العالي ، وتغفل عن هذا الجوهر الرخص الغالي ، وتضل عن هذا الضياء اللامع الملألىء ، ثم أعلاه فأنزله ، وأغلاه بدر المعاني وفضله .
.. . .