كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 7)
صفحة رقم 74
شقاوته فأغرقهم الله بعزته لم يفلت منهم أحد ، عبر سبحانه عن هذا كله بقوله على طريق الاستئناف : ( كم تركوا ) أي الذي سبق الحكم بإغراقهم فغرقوا ) من جنات ) أي بساتين هي في غاية ما يكون من طيب الأرض وكثرة الأشجار وزكاء الثمار والنبات وحسنها الذي يسر المهموم ويستر الهموم ، ودل على كرم الأرض بقوله : ( وعيون وزروع ) أي مما هو دون الأشجار .
ولما كان ذلك لا يكمل إلا بمنازل ومناظر في الجنان غيرها فقال : ( ومقام كريم ) أي مجلس شريق هو أهل لأن يقيم الإنسان فيه ، لأن النهاية فيما يرضيه .
ولما كان ذلك قد يكون بتعب صاحبة فيه ، دل على أنه كان بكد غيرهم وهم في غاية الترف ، وهذا هو الذي حملهم على اتباع من كان يكفيهم ذلك حتى أداهم إلى الغرق قال : ( ومقام كريم ) أي مجلس شريف هو أهل لأن يقيم الإنسان فيه ، لأن النهاية فيما يرضيه .
ولما كان ذلك قد يكون بتعب صاحبة فيه ، دل على أنه كان بكد غيرهم وهم في غاية الترف ، وهذا هو الذي حملهم على اتباع من كان يكفيهم ذلك حتى أداهم إلى الغرق قال : ( ونعمة ( هي بفتح النون اسم للتنعم بمعنى الترفه والعيش اللين الرغد ، وأما التي بالكسر فهي الإنعام ) كانوا فيها ) أي دائماً ) فاكهين ) أي فعلهم في عيشهم فعل المترفه لا فعل من يضطر إلى إقامة نفسه .
ولما كان هذا أمراً عظيماً لا يكاد يصدق أن يكون لأحد ، دل على عظمه وحصوله لهم بقوله : ( كذلك ) أي الأمر كما أخبرنا به من تنعيمهم وإخراجهم وإغراقهم وأنهم تركوا جميع ما كانوا فيه لم يغن عنهم شيء منه ، فلا يغترن أحد بما ابتليناه به من النعم لئلا يصنع به من الإهلاك ما صنعنا بهم .
ولما أفهم سوق الكلام هكذا إغراقهم كلهم ، زاده إيضاحاً بالتعبير بالإرث الذي حقيقته الأخذ عن الميت أخذاً لا منازع فيه فقال عاطفاً على ما تقدم تقديره بعد اسم الإشارة : ( وأورثناهم ) أي تلك الأمور العظيمة ) قوماً ) أي ناساً ذوي قوة في في القيام على ما يحاولونه ، وحقق أنهم غيرهم تحقيقاً لإغراقه بقوله : ( آخرين ( قال ابن برجان ، وقال في سورة الظلمة : ( وعيون وكنوز ) مكان ( وزروع ) لما كان المعهود من الزرع الحصد في أقرب المدة أورث زروعها وجناعها وما فيها من مقام كريم قوماً بآل فرعون فإنهم أهلكوا ولا نبي إسرائيل فإنهم قد عبروا البحر ، ولما توطد ملكهم في الأرض المقدسة اتصل بمصرن فورثوا الأرض بكنوزها وأموالها ونعمتها ومقامها الكريم - انتهى .
ولما كان الإهلاك يوجب أسفاً على المهلكين ولو من بعض الناس ولا سيما إذا كانوا جمعاً فكيف إذا كانوا أهل مملكة ولا سيمنا إذا كانوا في نهاية الرئاسة ، أخبر بأنهم كانوا لهوانهم عنده سبحانه وتعالىعلى خلاف ذلك ، فسبب عما مضى قوله : ( فما بكت عليهم ( استعارة لعدم الاكتراث لهم لهوانهم ) السماء والأرض ( وإذا لم يبك السكن فما ظنك بالساكن الذي هو بعضه ، روى أبو يعلى في مسنده والترمذي في